بالتخطئة حين تختلف السين والزاي، أو التاء والثاء في لغات تباعدت بينها الآماد ..
وأيا كان القول في نسبة إبراهيم إلى آزر بمعنى أسور، فهو أقرب من القول بأن أباه سمي تارحا من الحزن أو من الكسل، وليس عليه دليل من وقائع التاريخ والجغرافية ولا من الاشتقاق. وتفيد هذه الملاحظة فائدة جلى في معرض آخر من معارض سيرة الخليل، فلم يكن تاريخ إبراهيم في الإسلام مستمدا من المصادر اليهودية- كما زعم بعض المتسرعين من رواة الأخبار الدينية غير الإسلامية-، وإلا لما كان أيسر من تسمية أبيه تارحا وتيرحا وأتيرة وما شابه هذه التصحيفات، ولما كان هناك سبب قط لتسميته بآزر على أي توجيه وإنما هذا بيّنة من بيّنات شتى على أن دعوة إبراهيم لم تصل إلى الحجاز من مصادر اليهود .. ».
أقول: بل عن طريق القرآن وحي رب العالمين.
[فصل في بعض الأخبار التلمودية عن إبراهيم عليه السلام]
في معرض الكلام عن إبراهيم أبي الأنبياء نقل العقّاد بعض ما ورد من أخبار في كتب اليهود الأخرى- أي غير ما يسمى بالعهد القديم حول إبراهيم عليه السلام-، ومن كلامه في هذا الموضوع:
«يطلق اسم خليل الله وحبيب الله في الكتب الإسرائيلية على أنبياء غير إبراهيم، أشهرهم موسى، ويعقوب، وسليمان، ويغلب على الكتب المتأخرة وصفه بالحبيب، ويعتقدون أنه هو المقصود بقول أرميا في الإصحاح الحادي عشر «حبيبي في بيتي».
وفي كثير من كتب المدراش والتعليم يقال إن الدنيا خلقت من أجله، وأن أبناء نوح ضلوا عن سواء السبيل، وعبدوا الأصنام، وكان جد إبراهيم يدعى (رو) فسمى ابنه (سيروج) أي ذهبوا بعيدا، وصدق في هذه التسمية، لأن سيروج حين كبر وولد له ابن سماه ناحور، وعلمه السحر والتنجيم وعبادة الأصنام، وكان الشيطان (مسطمبا) يرسل أعوانه لكيد البشر، ويطلقهم على البذور وهي على وجه الأرض كأنهم الغربان لتلتقطها وتفسدها. لهذا سمى ناحور ابنه تيرح أو تارح، ويقول شراح كتاب «اليوبيل» أحد هذه الكتب التعليمية إن الاسم بهذا المعنى غامض ولكنه قد يرجع إلى كلمة آرامية بمعنى المحو والشحوب.