حاجة من فقد ما أوتوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ قال ابن كثير: يعني حاجة. أي: يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدءون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ قال ابن كثير: أي: من سلم من الشح فقد أفلح وأنجح. قال النسفي: والشح: اللؤم، وأن تكون نفس الرجل كزة حريصة على المنع، وأما البخل فهو المنع نفسه
وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ قال ابن كثير: هؤلاء هم القسم الثالث ممن يستحق فقراؤهم من مال الفئ وهم المهاجرون ثم الأنصار ثم التابعون لهم بإحسان يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا أي: بغضا وحسدا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ قال عمر بن الخطاب عن الآيات الثلاثة الأخيرة: استوعبت هذه المسلمين عامة وليس أحد إلا وله فيها حق، ثم قال: لئن عشت ليأتين الراعي بسرد حمير نصيبه فيها لم يعرق فيها جبينه.
[كلمة في السياق]
١ - في سياق ما فعله الله عزّ وجل بالكافرين من خزي في الدنيا، وقهر وجلاء ونصرة لرسوله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا بعض أحكام الفئ، وفي سياق ذلك عرفنا الله عزّ وجل على بعض سننه، وفصل لنا في خصائص المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، أي: أعطانا تصورا عن الخصائص العليا لأهل الإيمان والتقوى، مهاجرين ومهاجرا إليهم ومن يأتي بعدهم، وبذلك عرفنا: أن من خصائص الإيمان الهجرة، والنصرة لله ورسوله، والمحبة للمهاجرين، والإيثار، والتحرر من الشح، والمحبة للسابقين، والاستغفار لهم، وبذلك عرفنا تفصيلا جديدا لخصائص المتقين، وعرفنا أنواعا من العذاب العظيم الذي يوقعه الله في الكافرين في الدنيا والآخرة، ولذلك صلاته مع مقدمة سورة البقرة: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ إن الصلة بين الآية الأخيرة وبين قوله تعالى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ واضحة، فآيات سورة الحشر تعرض علينا خصائص المتقين من خلال سياق سورة الحشر الخاص. وفي قوله تعالى: وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ وفي قوله: وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وفي قوله: فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ