للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء المؤمنون أجرهم هذا أحوج ما يكونون إليه.

يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أي: لهؤلاء المؤمنين المقرضين الله قرضا حسنا أجر كريم، يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ أي: يوم القيامة بحسب أعمالهم وفي الآية إشعار بأن هذا النور كان لهم جزاء إيمانهم، ومن السياق نعرف أن من أعمالهم التي استحقوا بها ذلك الإنفاق. قال ابن كثير: (يقول تعالى مخبرا عن المؤمنين المتصدقين أنهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة بحسب أعمالهم ... ). قال النسفي: وإنما قال: بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين، كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم، فيجعل النور في الجهتين شعارا لهم وآية، لأنهم هم الذين بحسناتهم سعدوا، وبصحائفهم البيض أفلحوا، فإذا ذهب بهم إلى الجنة ومروا على الصراط يسعون، سعى بسعيهم ذلك النور، وتقول لهم الملائكة: بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ أي: دخول جنات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وأي فوز أعظم من دخول الجنة، وكأن السياق يقول: أيها المؤمنون أنفقوا لتكونوا من هؤلاء

ثم قال تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ أي: للمنفقين في سبيل الله أجر كريم، يوم يقول المنافقون والمنافقات لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا أي: انتظرونا، لأن أهل الإيمان يسرع بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ أي: انتظرونا لنلحق بكم فنستنير بنوركم قِيلَ أي: تقول لهم الملائكة أو المؤمنون طردا لهم وتهكما بهم ارْجِعُوا وَراءَكُمْ أي: إلى الموقف إلى حيث أعطينا هذا النور، أو ارجعوا إلى الدنيا فَالْتَمِسُوا نُوراً أي: فالتمسوا النور هنالك بتحصيل سببه وهو الإيمان وليسوا بقادرين فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ أي: بين المؤمنين والمنافقين بِسُورٍ أي: بحائط حائل بين شق الجنة وشق النار قال النسفي: قيل هو الأعراف لَهُ بابٌ أي:

لذلك السور باب لأهل الجنة يدخلون منه باطِنُهُ أي: باطن السور أو الباب وهو الشق الذي يلي الجنة فِيهِ الرَّحْمَةُ أي: النور أو الجنة وَظاهِرُهُ أي: ما ظهر لأهل النار مِنْ قِبَلِهِ أي: من عنده وفي جهته الْعَذابُ أي: الظلمة أو النار

يُنادُونَهُمْ أي: ينادي المنافقون المؤمنين أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ أي: في الدنيا؟

يريدون مرافقتهم في الظاهر وادعاءهم أنهم معهم بلسانهم قالُوا أي: المؤمنون بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أي: أحرقتموها بالنفاق وأهلكتموها وَتَرَبَّصْتُمْ أي: بالمؤمنين الدوائر وَارْتَبْتُمْ في التوحيد والقرآن والبعث وَغَرَّتْكُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>