للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلب بالسماء في شأنه، لا بالأرض وأسبابها القريبة. وتكررت الإشارة إلى هذا الأمر في السورة في مواضع متفرقة منها. إما مباشرة كقوله: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ .. إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ .. وإما تعريضا- كقوله يصور حال عباده المتقين مع المال-: وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ..

ووصفه لجود إبراهيم وسخائه وهو يقري ضيوفه).

[كلمة في سورة الذاريات ومحورها]

إذا كانت سورة القمر تفصل- بما لا يقبل الجدل على حسب نظريتنا- في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ... فإن السور الثلاث: الذاريات والطور والنجم تفصل في قوله تعالى من سورة البقرة:

الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

ومن ثم نجد بشكل بارز في السور الثلاث كلاما عن التقوى والمتقين، ففي سورة الذاريات- وهي محل الكلام هنا- نجد قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*

آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ* كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ

وصلة ذلك بقوله تعالى من سورة البقرة: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ واضحة. ونجد في سورة الذاريات: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ .... وصلة ذلك بقوله تعالى: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ .... واضحة.

ذكرنا هذين المثالين لصلتهما الواضحة بمحور السورة الذي حددناه وذكرناه، وإلا فالسورة كلها تصب في تفصيل المحور كما سنرى.

تتألف سورة الذاريات من مقدمة، ومقطع واحد، وخاتمة. المقدمة ست آيات، والخاتمة خمس آيات، والمقطع يتألف من فقرتين، وتتألف الفقرة الثانية من عدة مجموعات.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>