يَتَفَكَّرُونَ أما الذين لا يتفكرون فإنهم عمي عن رؤية الآيات
وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ أي أراض يجاور بعضها بعضا، ثم هي مع التجاور مختلفة، فهذه طيبة تنبت ما ينفع الناس، وهذه سبخة مالحة لا تنفع الناس، وهذه تربتها حمراء، وهذه بيضاء، وهذه صفراء، وهذه سوداء، وهذه محجرة، وهذه سهلة، وهذه مرملة، وهذه سميكة، وهذه رقيقة، بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاحقة، ما بين كريمة إلى زهيدة، وما بين صلبة إلى رخوة، وذلك دليل على قادر مريد مدبر موقع لأفعاله على وجه دون وجه وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ أي وفي الأرض حدائق وبساتين من أعناب وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ الصنوان: جمع صنو وهي الشجرة لها رأسان وأصلها واحد، فالصنوان: هو الأصول المجتمعة في منبت واحد، كالرمان والتين وبعض النخيل ونحو ذلك، وغير الصنوان ما كان على أصل واحد كسائر الأشجار، أي وفي الأرض أنواع الزروع، وأنواع النخيل ذات الساق الواحدة، أو السيقان المتعددة يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ أي في الثمر، فهذا الاختلاف في أجناس الثمرات والزروع في أشكالها وألوانها، وطعومها ورائحها وأوراقها؛ فهذا في غاية الحلاوة، وهذا في غاية الحموضة، وهذا في غاية المرارة، وهذا بين بين، وهذا اجتمع فيه هذا وهذا، وهذا أصفر، وهذا أبيض، وهذا أسود، وكذلك الزهورات مع أنها كلها تستمد من طبيعة واحدة وهو الماء، ثم يكون هذا الاختلاف الكثير، الذي يكاد لا ينحصر ولا ينضبط إِنَّ فِي ذلِكَ أي في اختلاف الأراضي وجنات الأعناب والزروع والنخيل المتعدد الأصل وغير المتعدد، واختلاف الثمرات مع كون الماء الذي به نماء النبات واحدا لَآياتٍ لدلالات على الخالق المختار المريد العظيم لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ أما الذين لا عقول لهم فإنهم لا يرون هذه الآيات رؤية عاقلة، تدلهم على الله، ثم إنه بعد أن أقام النص القرآني الحجة على وجود الله، وعلى قدرته، وعلى اليوم الآخر، فإنه بعد ذلك يعرض علينا بطريقة القرآن المعجزة ثلاثة مواقف للكافرين هي: إنكارهم لليوم الآخر، واستعجالهم العذاب، واقتراحهم الآيات، وهذه المواقف الثلاثة تعرض بعد أن تقدم الرد عليها فيما سبق من الآيات، فالله المدبر للأمر المفصل للآيات، الرافع للسماوات، المسيطر على العرش، المسخر للشمس والقمر، الجاعل الأرض على ما هي عليه، الخالق للجبال بما تؤدي به مهمتها، الخالق الأنهار، الخالق الثمار، الخالق الليل والنهار، الجاعل الأرض أنواعا، المخرج من الماء الواحد أنواع الثمار، هذا الإله لا يعجزه أن يعيد خلق الإنسان وأن يبعثه