البوق، حيث تدفعها التيارات المصلية الموجودة في البوق، وتستغرق هذه الرحلة عبر هذا النفق البوقي قرابة عشرة أيام، حيث يكون الانقسام قد أخذ ذروته، وعلى ما يذكر البعض يحصل قرابة خمسين انقساما، وعند ما تصل إلى الرحم يكون الغشاء المخاطي الرحمي مهيأ لاستقبالها كما ذكرنا، وهنا يبدأ عمل عجيب ومهم، وهو دخول البيضة إلى داخل الجدار الرحمي والجدار مغلق أمامها. ثم لا نلبث أن نرى أن هذه البيضة التي أصبح لها شكل التوتة من كثرة ازدحامها بالخلايا، تمد أرجلا كأرجل الأخطبوط تعمل بقوة وعنف في فتح الجدار الرحمي أمام التوتة، وعند ما يتم لها ذلك تنطمر هذه البيضة التوتية في جدار الرحم، ويغلق الباب الذي فتح لها خلفها، ثم ماذا؟ إن هذه الأرجل الأخطبوطية تمتد على مدار التوتة وهي ما تعرف (بالزغابات) حيث تقوم بقضم محتويات الجدار مع العروق الدموية، فينسكب الدم الغزير بشكل برك تحيط بهذه العلقة!! لأنها علقت في جدار الرحم، وتنغمس الأرجل الأخطبوطية في برك الدم؛ لتمتص الغذاء للجنين.
[العلقة واللوحة المضغية]
وهكذا نرى أن العلقة الإنسانية تصبح محاطة من كل الجوانب بالزغابات الكوريونية التي تمتص من الدم كل ما يلزم لتخلق الجنين من الماء والأملاح المعدنية والفيتامينات والسكريات والآحينات والدسم، فهل هناك أعجب من أن يكون المرء في غرفة، والمواد الغذائية من فواكه وخضروات ومآكل طيبة، ووجبات دسمة تقدم له من السقف والأرض والنوافذ، وجدران الغرفة، إن هذا هو ما يحصل بالضبط للعلقة الإنسانية حين تتغذى!! ..... لو دخلنا إلى داخل هذه العلقة لوجدنا أن بعض المناطق فيها لها شكل يختلف عن بقية المناطق، هذا المكان رقيق يشبه اللوحة أو القرص الصغير، سمي باللوحة المضغية، وهو أبعد الأماكن التي يتخيلها الذهن، والتي يمكن أن تكون مصدر الكيان الإنساني، وهكذا نرى أن أكداس الخلايا التي تكونت وشكلت ما يعرف بالتوتة، يختص قسم منها بالتكوين الخارجي للمضغة ويختص قسم صغير
منها في تكوين الخريطة الأولى للمساحة الإنسانية، هذه اللوحة يسمونها بمجموع الوريقات التي ستتخلق منها الأعضاء، وهي تعرف بالوريقة الباطنة والظاهرة والمتوسطة، فلنر الآن كيف ستبدأ عملية التخلق ..... تظهر ميزابة في وسط المضغة والتي ستكون في المستقبل الدماغ والنخاع، كما تظهر بجانبها قطع عرفت بالقطع البدئية ومن هذه القطع تتولد الفقرات