للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وامتدادها العظمي، وهي عظام الأطراف، ومنها العضلات حيث تمتد لتكون عضلات كل الجسم. والعجيب أن العظام تتكون بالأصل، ثم تأتي العضلات بعد ذلك لتكسوها، وصدق الله العظيم فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثم تبدأ العملية الجبارة في خلق أعضاء الجنين، فطائفة من الخلايا تختص بالحواس، وأخرى بالعظام، وثالثة بالعضلات، ورابعة بالأجهزة، وهكذا يتكون من الوريقة الباطنة الرغامي والقصبات، والرئتان، والبلعوم، والأنبوب الهضمي، والكبد، والمعثكلة، كما يتشكل من الوريقة المتوسطة الجمجمة، ونسيج الرأس الضام وعضلات الأطراف، وهيكل العظام، والجهاز التناسلي، وغشاء الجنب (غشاء الجنب يغلف الرئتين) والثامور (غشاء يغلف القلب) والصفاق (غشاء يغلف الأمعاء) والقلب والعروق، والبلغم والجملة البولية، كما يتكون من الوريقة الظاهرة بشرة الجلد، والعناصر الملحقة به من غدد وأشعار وأظافر وأعضاء الحواس، والجملة العصبية، فكيف خططت كل هذه الأجهزة وكيف سار البناء في نسق واحد، بحيث أن كل مجموعة خلوية تقوم ببناء جهاز خاص بل نسيج خاص وهي لا تعمل مستقلة، بل متعاونة مع غيرها، بحيث إن كل جهاز يأخذ مكانه الطبيعي، وأي خلل يعطي تشوهات خطيرة للمستقبل، كما يعرض الحياة للخطر، ولذا لم نجد أن العين نمت في البطن، أو أن اليد انبثقت من الرأس، أو أن الأذن نبتت على الساق، أو أن الشرج ركب في الظهر يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ، كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ.

وعند ما ينمو الجنين أو بالأصح عند ما تنمو المضغة وجد أنها خلال الأسابيع الأولى تشبه كثيرا مضغة الزواحف والطيور، وحتى الخنازير!! ولكن ما إن يكتمل الشهر الثاني حتى يبدأ تخلق الإنسان، وينشأ إنشاء جديدا وصدق الله ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ.

٤ - رأينا مجموع ما فهم به المفسرون القدامى قوله تعالى وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ وهناك اتجاه جديد اتجه إليه بعض علماء الطبيعة وهو أن في الآية إشارة إلى الإنزال الأول، وذلك أن الأرض كانت كتلة نارية، وإذ ذاك لم يكن الأمر على ما هو عليه الآن، فلما بدأت تتبرد لم يكن على قشرتها شئ من الماء، وإنما كان الماء كله بخارا، ثم بدأ البخار ينعقد فيتشكل

<<  <  ج: ص:  >  >>