يعني السمت الحسن، وقال مجاهد وغير واحد: يعني الخشوع والتواضع. وروى ابن أبي حاتم عن مجاهد سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قال: الخشوع، قلت: ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه، فقال: ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون. وقال السدي: الصلاة تحسّن وجوههم، وقال بعض السلف: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار، وقد أسنده ابن ماجه في سننه عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» والصحيح أنه موقوف. وقال بعضهم: إن للحسنة نورا في القلب وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الناس. وقال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه: ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه» والغرض أن الشئ الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله تعالى أصلح الله عزّ وجل ظاهره للناس، كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته. وروى أبو القاسم الطبراني عن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله تعالى رداءها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر» العزرمي- وهو من رجال السند- متروك. وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«لو أنّ أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة، لخرج عمله للناس كائنا ما كان». وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:«إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة» ورواه أبو داود. فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم، وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم. وقال مالك رضي الله عنه: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا، وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم).
١٢ - [حديث في النهي عن سب الصحابة بمناسبة آية وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا .. ]
بمناسبة قوله تعالى عن الصحابة وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً روى ابن كثير:(قال مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه»).