للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي الغالب على أعدائه الرَّحِيمُ العاطف على أوليائه

وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ أي هذا الذي أخبرناك به يا محمد من أنّا سننصر الروم على الفرس وعد من الله حق، وخبر صدق لا يخلف، ولا بد من كونه ووقوعه؛ لأن الله عزّ وجل قد جرت سنته أن يجعل الأيام دولا وأن يجعل العاقبة لأهل الحق أو لمن هم أقرب إلى الحق وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ صدق وعد الله

يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالظاهر من الحياة الدنيا. وهذا يفيد أن للدنيا ظاهرا وباطنا. فظاهرها ما يعرفه الجهّال من زخارفها وقوانينها وأسبابها، وباطنها أنّها مجاز إلى الآخرة يتزوّد فيها بالطاعة والعمل الصالح، وأنّها تدل على الله وأسمائه وصفاته. قال النسفي: (وتنكير الظاهر يفيد أنهم لا يعلمون إلا ظاهرا واحدا من جملة ظواهرها. وقال: وفيه بيان أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز عن تحصيل الدنيا) وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ فيه بيان أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ومقرّها.

[نقول]

[١، ٢ - كلام الألوسي وصاحب الظلال بمناسبة الآيات الثلاث الأولى من السورة]

١ - بمناسبة قوله تعالى: الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ قال الألوسي:

(وفي البحر: كان شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير يحكي عن أبي الحكم ابن برجان أنه استخرج من قوله تعالى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ إلى سِنِينَ افتتاح المسلمين بيت المقدس، معيّنا زمانه ويومه، وكان إذ ذاك بيت المقدس قد غلبت عليه النصارى، وأن ابن برجان مات قبل الوقت الذي عيّنه للفتح، وأنه بعد موته بزمان افتتحه المسلمون في الوقت الذي عينه أبو الحكم وكان أبو جعفر يعتقد في أبي الحكم هذا أنه كان يتطلع على أشياء من المغيبات يستخرجها من كتاب الله تعالى. انتهى).

أقول: يظهر أنّ الشيخ المذكور استخرج ذلك من خلال حساب الجمل ولكن ليس لذلك ما يستأنس له إلّا الرواية المذكورة في أوائل سورة الشورى، وهي رواية غريبة، على أنّ في هذا القرآن من العجائب الكثير.

٢ - قال صاحب الظلال في قوله تعالى: الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>