التحريف، والزيادة، والنقصان، أو أنه نهي عن الضرار بهما بأن يعجلا عن مهم، ويلزا، أو لا يعطى الكاتب حقه من الأجرة في حالة الكتابة بأجر. أو يحمل مئونة مجيئه من بلد إلى آخر. وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ: أي: وإن تضاروا، فإن الضرار مأثم بكم. وَاتَّقُوا اللَّهَ: في مخالفة أوامره. وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ: شرائع دينه. وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ: لا
يلحقه سهو، ولا قصور.
وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ أي: وإن كنتم أيها المتداينون مسافرين، فاستوثقوا بالرهن، بدل الإشهاد والكتب. قال النسفي: لما كان السفر مظنة لإعواز الكتب، والإشهاد، أمر على سبيل الإرشاد إلى حفظ المال من كان على سفر، بأن يقيم التوثيق بالارتهان، مقام التوثيق بالكتب والإشهاد. لا أن السفر شرط تجويز الارتهان.
وذكر القبض بجانب الرهن دليل على اشتراط القبض حتى يتم الرهن فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أي: فإن أمن بعض الدائنين بعض المديونين بحسن ظنه به، فلم يتوثق بالكتابة، والشهود، والرهن. فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ. أي دينه وسمي الدين أمانة هنا، مع أنه مضمون على خلاف الأمانة، لائتمان الدائن المدين عليه، بترك الارتهان منه. وفي النص تهييج للمديون على أن يكون عند ظن الدائن وأمنه منه وائتمانه له. وأن يؤدي إليه الحق الذي ائتمنه عليه فلم يرتهن منه. وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ: بأن لا ينكر حقا، وأن يفي بما عليه. ثم توجه الخطاب للشهود، بقوله تعالى:
وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ أسند الإثم إلى القلب، لأن كتمان الشهادة، أن يضمرها في القلب، ولا يتكلم بها. فلما كان إثما مقترفا، مكتسبا بالقلب، أسند إليه. وإذ جعل كتمان الشهادة من آثام القلوب، فقد شهد له بأنه من أعاظم الذنوب. لأن أفعال القلوب أعظم من أفعال سائر الجوارح. ألا ترى أن الإيمان، والكفر. والحسد، والكبر، كلها من أفعال القلب. وهي ما هي في شريعتنا.
وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. من كتمان الشهادة، وإظهارها، وغير ذلك من أعمالكم.
[فائدة]
علق صاحب الظلال على آية الدين بقوله:
«وإن الإنسان ليقف في عجب وفي إعجاب أمام التعبير التشريعي في القرآن تتجلى الدقة العجيبة في الصياغة القانونية حتى ما يبدل لفظ بلفظ، ولا تقدم فقرة عن موضعها