للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يوجد رجلان فليكن رجل واحد وامرأتان .. ولكن لماذا امرأتان؟ إن النص لا يدعنا نحدس! ففي مجال التشريع يكون كل نص محددا واضحا معللا: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى .. والضلال هنا ينشأ من أسباب كثيرة. فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد، مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته. ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتذكرها الأخرى بالتعاون معها على تذكر ملابسات الموضوع كله. وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية. فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلا نفسيا في المرأة حتما. تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء .. وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة .. وهذه الطبيعة لا تتجزأ، فالمرأة شخصية موحدة هذا طابعها- حين تكون امرأة سوية- بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال، ووقوف عند الواقع بلا تأثر ولا إيحاء. ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى- إذا انحرفت مع أي انفعال- فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة».

وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا أي: ولا يرفض الشهداء إذا دعوا لأداء الشهادة، أو لتحملها أن يفعلوا حتى لا تهلك الحقوق. وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ أي: ولا تملوا أن تكتبوا الدين، أو الحق على أي حال كان الحق، من صغر، أو كبر. قال الحنفية: وفيه دلالة جواز السلم في الثياب. لأن ما يكال أو يوزن، لا يقال فيه الصغير والكبير. وإنما يقال في الذرعي، إلى وقته الذي اتفق الغريمان على تسميته. ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ، وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا. أي: ذلك الكتب أعدل عند الله، وأعون على إقامة الشهادة، وأقرب من انتفاء الريب للشاهد، والحاكم، وصاحب الحق. فإنه يقع الشك في المقدار، والصفات. فإذا رجعوا إلى المكتوب زال الشك. إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها. أي: إلا أن تتبايعوا بيعا ناجزا، يدا بيد. فلا بأس ألا تكتبوه. لأنه لا يتوهم فيه، ما يتوهم في التداين. وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ: هذا أمر بالإشهاد على التبايع مطلقا، ناجزا كان، أو إلى أجل. لأنه أحوط، وأبعد من وقوع الاختلاف. والأمر للندب. وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ: هذا نهي للكاتب والشهيد عن ترك الإجابة إلى ما يطلب منهما. وعن

<<  <  ج: ص:  >  >>