لَوْلا أي هلا جاؤُ عَلَيْهِ أى على القذف لو كانوا صادقين بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ يشهدون على صحة ما جاءوا به فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ الأربعة فَأُولئِكَ القاذفون عِنْدَ اللَّهِ أى في حكمه وشريعته هُمُ الْكاذِبُونَ لأن الله تعالى جعل التفصلة بين الرمي الصادق والكاذب ثبوت شهادة الشهود الأربعة، وانتفاءها، والذين رموا عائشة رضي الله عنها لم يكن لهم بينة على قولهم فكانوا كاذبين
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ أيها الخائضون فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ من قضية الإفك عَذابٌ عَظِيمٌ قال ابن كثير: وهذا أي الفضل والرحمة فيمن عنده إيمان يقبل الله بسببه التوبة كمسطح وحسان وحمنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش، فأما من خاض فيه من المنافقين كعبد الله بن أبي بن سلول وأضرابه، فليس أولئك مرادين في هذه الآية، لأنه ليس عندهم من الإيمان والعمل الصالح ما يعادل هذا، ولا ما يعارضه وهكذا شأن ما يرد من الوعيد على فعل معين يكون مطلقا مشروطا بعدم التوبة، أو ما يقابله من عمل صالح يوازنه، أو يرجح عليه
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ أي يأخذه بعضكم من بعض بِأَلْسِنَتِكُمْ أي تنطقون به بمجرد التلقي دون التدبر والتعقل وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ قال النسفي: إنما قيد بالأفواه مع أن القول لا يكون إلا بالفم لأن الشئ المعلوم يكون علمه في القلب، ثم يترجم عنه اللسان، وهذا الإفك ليس إلا قولا يدور في أفواههم من غير ترجمة عن علم به في القلب وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً أي وتحسبون خوضكم في عائشة رضى الله عنها يسيرا صغيرا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ أي كبير، قال ابن كثير:(أي تقولون ما تقولون في شأن أم المؤمنين، وتحسبون ذلك يسيرا سهلا، ولو لم تكن زوجة النبي لما كان هينا فكيف وهي زوجة النبي الأمي خاتم الأنبياء وسيد المرسلين؟؟ فعظيم عند الله أن يقال في زوجة نبيه ورسوله ما قيل، فإن الله سبحانه وتعالى يغار لهذا، وهو سبحانه وتعالى لا يقدر على زوجة نبي من الأنبياء ذلك- حاشا وكلا- ولما لم يكن ذلك، فكيف يكون هذا في سيدة نساء الأنبياء، وزوجة سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنيا والآخرة ولهذا قال تعالى وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وفي الصحيحين «وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يدري ما تبلغ يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض وفي رواية لا يلقي لها بالا»).
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا والمعنى: هلا قلتم إذ سمعتم الإفك: ما يصح لنا أن نتكلم بهذا، أي ما ينبغي لنا أن نتفوه بهذا الكلام، ولا نذكره