التصورات عن التقوى. فكما حدث قديما فسيحدث في هذه الأمة تصورات خاطئة عن التقوى. ومن نظر إلى مفاهيم الناس عن التقوى في عصرنا، أدرك بعض أسرار هذا السياق فما أكثر الذين يفهمون أن التقوى لا صلة لها بقتال، أو إنفاق، أو علم، أو جمع مال. ومن ثم فمجيء آيات القتال والإنفاق في سياق بناء التقوى. تقوى الأفراد والمجتمع واضح الملامح.
لاحظ الآن أن الأمر: وَقاتِلُوا. وبعده الأمر: وَأَنْفِقُوا وبعده الأمر وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ومن قبل وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها. ومن قبل:
وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ. هذه الأوامر والنواهي جاءت بعد ثلاث مرات ذكرت فيها الكلمة: كُتِبَ.* ومن بعد ثلاث مرات ذكرت فيها قضية التقوى كهدف: لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ* لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.* مما يشير إلى أن الأوامر والنواهي في هذا السياق لها صلة ببناء التقوى. تقوى الفرد وتقوى الأمة.
والملاحظ أنه يأتي هاهنا أمر بالقتال. وفي القسم الثالث فيما بعد ستذكر فريضة القتال. فما السر في ذلك؟.
السر أن هذه آتية في سياق. وتلك في سياق. فتلك آتية في سياق إقامة الإسلام كله. فالإسلام لا يقوم بلا جهاد لتكون كلمة الله هي العليا، سواء قاتلنا الناس أو لم يقاتلونا. أما هذه فآتية في سياق بناء التقوى. فلا تقوى لأحد بلا جهاد وإنفاق. ثم هذه خصت من يقاتلوننا بالذكر. فالأمر هنا لتحقيق فريضة عينية. وهناك لتحقيق فريضة كفائية. وليس الأمر كما فهمه بعضهم من أن القتال المشروع في الإسلام هو القتال الدفاعي. بل هو أحد أنواع القتال المفروضة.
«مقدمة في القتال»
كثيرون من الناس لا يفهمون النصوص، ولا يمتلكون القدرة على فهمها. فتراهم يفهمون النصوص فهما مبتسرا، أو فهما خاطئا، فيعطلون العمل بنص غير منسوخ ويفهمون نصا آخر فهما غير صحيح. ومن أكثر ما حدث في هذا الشأن، ما حدث في فهم آيات القتال، وآيات السلام.
فمثلا هناك قتال مفروض فرض عين، وقتال مفروض فرض كفاية. وهناك حالات يجوز فيها السلام والعهد. وحالات لا يجوز. ويأتي أصحاب الفهوم الخاطئة ليلغوا