للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرجع والمآب وفي هذا تنبيه ووعيد.

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا. أي:

محمد عليه الصلاة السلام. يُبَيِّنُ لَكُمْ شرائع الله، وما كنتم تخفون، وما كنتم فيه تختلفون عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ. أي: جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل، وانقطاع من الوحى. أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ. أي: لئلا تحتجوا بذلك. فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ بشير للمؤمنين، ونذير للكافرين، وفي الآية معنى الامتنان بأنّ الرّسول بعث إليهم حين انطمست آثار الوحي، وكانوا أحوج ما يكونون إليه. ليهشوا إليه، ويعدّوه أعظم نعمة من الله، وتلزمهم الحجة؛ فلا يقولون غدا بأنه لم يرسل إليهم من ينبههم من غفلتهم. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ومن كمال قدرته أن يرسل محمدا صلّى الله عليه وسلّم على مثل هذا الكمال، ويعطيه مثل ما أعطاه. وأن يعاقب من عصاه. ويثبت من أطاعه. وبهذا تنتهي الفقرة الأولى من المقطع، بعد أن عرضت ما أخذ به العهد على بني إسرائيل، وكيف أنهم نقضوه، وبعد أن عرضت: أن العهد أخذ على النصارى، وضربت لنا نماذج على نقضهم العهد في ادّعائهم أنّ المسيح هو الله، وبعد أن فنّدت دعاواهم، وأقامت عليهم الحجة بمتابعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليتداركوا ما فاتهم من نقض المواثيق، وأن ذلك هو وحده طريق النجاة والصراط المستقيم.

[فوائد]

[١، ٢ - سبب نزول قوله تعالى قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ .. وفائدة منه]

١ - قال ابن كثير، وقد قال بعض شيوخ الصوفيين لبعض الفقهاء: أين تجد في القرآن أنّ الحبيب لا يعذّب حبيبه؟ فلم يردّ عليه. فتلا عليه الصوفي هذه الآية: قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ وهذا الذي قاله حسن وله شاهد في المسند للإمام أحمد حيث قال: عن أنس رضي الله عنه قال: مرّ النبي صلّى الله عليه وسلّم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق، فلمّا رأت أمّه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ، فأقبلت تسعى وتقول ابني! ابني، وسعت فأخذته. فقال القوم يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ولدها في النّار. قال: فحفظهم النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لا والله ما يلقي حبيبه في النار» تفرد به أحمد.

٢ - أخرج ابن إسحاق عن ابن عباس قال: وأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نعمان بن آصى وبحري بن عمرو، وشاس بن عدي، فكلّموه، وكلّمهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ودعاهم إلى الله وحذّرهم نقمته. فقالوا: ما تخوّفنا يا محمّد، نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى، وأنزل الله فيهم وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ إلى آخر الآية رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>