للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّا دعوناكم فاتّبعتمونا من غير دليل ولا برهان، وخالفتم الادلّة والبراهين والحجج التي جاءت بها الرسل لشهوتكم واختياركم لذلك). بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ أي: بل كنتم كافرين باختياركم، وإيثاركم الضلال على الهدى، لا بقولنا وتسويلنا

وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أي: بل كنتم تمكرون بنا ليلا ونهارا، وتغروننا وتمنوننا وتخبروننا أنا على هدى، وأنا على شئ، فإذا جميع ذلك باطل وكذب، أو بل مكركم في الليل والنهار هو الذي صدّنا عن سبيل الله، أو بل الليل والنهار مكرا بطول السلامة فيهما حتى ظننا أنكم على الحق إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً أي: نظراء وآلهة، وتقيموا لنا شبها وأشياء من المحال تضلوننا بها، والمعنى:

ما كان الإجرام من جهتنا، بل من جهة مكركم لنا دائما ليلا ونهارا، وحملكم إيانا على الشرك، واتخاذ الأنداد وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ أي الجحيم، فالجميع من السادة والأتباع كلّ ندم على ما سلف، يندم المستكبرون على ضلالهم وإضلالهم، ويندم المستضعفون على ضلالهم واتّباعهم المضلين، وكلمة أَسَرُّوا من كلمات الأضداد، فهي تفيد الإضمار والإظهار، والسياق هو الذي يحدّد المعنى، وهاهنا تحتمل المعنيين، والراجح الإضمار، وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا قال ابن كثير:

(وهي السلاسل التي تجمع أيديهم مع أعناقهم) هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي إنما نجازيهم بأعمالهم كل بحسبه، للقادة عذاب بحسبهم، وللأتباع بحسبهم.

...

عرضت هذه المجموعة حال المنكرين سادة وأتباعا يوم القيامة، مبيّنة أنّهم سيندمون على مواقفهم، وسيتعاتبون، وقد دلّتنا الآيات على أنّ قادة الكفر ورؤساءه يمكرون ليلا ونهارا لصدّ الناس عن سبيل الله.

...

فائدة: [كلام ابن كثير بمناسبة آية وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا]

بمناسبة قوله تعالى: وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا قال ابن كثير:

(روى ابن أبي حاتم ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن جهنم لمّا سيق إليها أهلها تلقاهم لهبها، ثم لفحتهم لفحة فلم يبق لحم إلا سقط

<<  <  ج: ص:  >  >>