صلى الله عليه وسلم واديا في العرب، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك، فقال عامر: لا حاجة لي في قطيعتك. نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا:
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ وهذا هو فرق ما بين القلوب الحية المتلقية المتأثرة، والقلوب الميتة المغلفة الخامدة. التي تكفن ميتتها باللهو، وتواري خمودها بالاستهتار، ولا تتأثر بالذكر لأنها خاوية من مقومات الحياة)
[فوائد]
١ - كثير من أخلاق الكافرين يمكن أن يبتلى بها المؤمنون، ومن ثم فإن على المسلم أن يلاحظ نفسه وقلبه، وإذا مر على خلق للكافرين فتش في نفسه وسلوكه أن يكون متخلقا به وهو لا يشعر، إن هذه الصورة- صورة استماع الوحي والجسم يلعب والقلب لاه- صورة نراها كثيرا في المقاهي والنوادي والمجالس، يشترك فيها الكافرون والمؤمنون، ومن ثم قال النسفي: بمناسبة قوله تعالى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (فالاقتراب عام، والغفلة والإعراض يتفاوتان بتفاوت المكلفين، فرب غافل عن حسابه لاستغراقه في دنياه، وإعراضه عن مولاه، ورب غافل عن حسابه لاستهلاكه في مولاه وإعراضه عن دنياه، فهو لا يفيق إلا برؤية المولى والأول إنما يفيق في عسكر الموتى، فالواجب عليك أن تحاسب نفسك قبل أن تحاسب، وتتنبه للعرض قبل أن تنبه، وتعرض عن الغافلين، وتشتغل بذكر خالق الخلق أجمعين؛ لتفوز بلقاء رب العالمين).
٢ - مما استدل به المعتزلة على حدوث القرآن قوله تعالى ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ .... ولا يصح لهم هذا الاستدلال؛ لأن المراد بالمحدث أنه محدث إتيانه قريب عهده باستماعهم، مبتدأة تلاوته.
٣ - بمناسبة قوله تعالى لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ذكر النسفي ما قاله أبو بكر الوراق في تفسير القلب اللاهي: المشغول بزينة الحياة وزهرتها الغافل عن الآخرة وأهوالها.
٤ - بمناسبة قوله تعالى ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ذكر ابن كثير ما قاله ابن عباس (ما لكم تسألون أهل الكتب عما بأيديهم وقد حرفوه وبدلوه، وزادوا فيه ونقصوا منه، وكتابكم أحدث الكتب بالله، تقرءونه محضا لم يشب) قال ابن كثير رواه البخاري بنحوه.