وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً أي: لا تترك على وجه الأرض منهم أحدا، والديار: هو الذي يدور في الأرض، وهو من الأسماء المستعملة في النفي العام، ثم علل لدعائه
إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ أي: تتركهم ولا تهلكهم يُضِلُّوا عِبادَكَ أي: يدعونهم إلى الضلال، قال ابن كثير: أي:
إنك إن أبقيت منهم أحدا أضلوا عبادك، أي: الذي تخلفهم بعدهم، وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً قال ابن كثير: أي: فاجرا في الأعمال كافر القلب وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما، قال النسفي: وإنما قال ذلك لأن الله تعالى أخبره بقوله لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ
ثم قال نوح عليه السلام: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ قال النسفي: وكانا مسلمين وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ أي: منزلي أو مسجدي أو سفينتي مُؤْمِناً قال النسفي: لأنه علم أن من دخل بيته مؤمنا لا يعود إلى الكفر وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أي: إلى يوم القيامة، قال النسفي: خص أولا من يتصل به لأنهم أولى وأحق بدعائه، ثم عم المؤمنين والمؤمنات، قال ابن كثير: دعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات وذلك يعم الأحياء منهم والأموات، ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء اقتداء بنوح عليه السلام (كما يستحب) بما جاء في الآثار والأدعية المشهورة المشروعة وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ أي: الكافرين إِلَّا تَباراً أي: هلاكا وقد أهلكوا.