للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو غير مبال بما كانوا يتوعدونه من الرجم والقتل، وفسّر بعضهم الرجم بالشتم، وفسّر ابن كثير الآية بقوله. (أي أعوذ بالله الذي خلقني وخلقكم من أن تصلوا إليّ بسوء من قول أو فعل)

وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ قال ابن كثير: أي:

لا تتعرضوا لي ودعوا الأمر بيني وبينكم مسالمة إلى أن يقضي الله بيننا. وقال النسفي:

(أي: إن لم تؤمنوا لي فلا موالاة بيني وبين من لا يؤمن، فتنحوا عني، أو فخلوني كفافا لا لي ولا علي، ولا تتعرضوا لي بشركم وأذاكم، فليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلا حكم ذلك). قال ابن كثير: فلما طال مقامه صلّى الله عليه وسلم بين أظهرهم، وأقام حجج الله تعالى عليهم وما زادهم ذلك إلا كفرا وعنادا، دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم

فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ أي: فدعا ربه شاكيا قومه. بأن هؤلاء قوم مجرمون فعند ذلك أمره الله تعالى. أن يخرج ببني إسرائيل من بين أظهرهم من غير أمر فرعون ومشاورته واستئذانه ولهذا قال جل جلاله.

فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا أي: سر بعبادي بني إسرائيل في الليل إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ دبّر الله أن تتقدّموا ويتّبعكم فرعون وجنوده فينجيكم ويغرقهم

وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً أي: ساكنا قارا على حاله وهيئته، من انتصاب الماء، وكون الطريق يبسا لا يضربه بعصاه ولا يغيّر منه شيئا؛ ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه أطبقه الله عليهم. وقيل الرهو: الفجوة الواسعة: أي: اتركه مفتوحا على حاله منفرجا. إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ بعد خروجكم من البحر وقد كان ذلك

كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ أي: بساتين وَعُيُونٍ أي: آبار وأنهار

وَزُرُوعٍ من كل الأنواع وَمَقامٍ كَرِيمٍ وهي المساكن الأنيقة والأماكن الحسنة، وفسّر مجاهد وسعيد بن جبير المقام الكريم بالمنابر التي كانوا يخطبون عليها في الناس، أي كثيرا جدا من هذه الأشياء تركوه

وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ أي: متنعمين. قال ابن كثير:

أي: عيشة كانوا يتفكهون فيها فيأكلون ما شاءوا ويلبسون ما أحبوا مع الأموال والجاهات، والحكم في البلاد، فسلبوا ذلك جميعه في صبيحة واحدة، وفارقوا الدنيا وصاروا إلى جهنم وبئس المصير ..

كَذلِكَ أي: الأمر كذلك وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ غيرهم.

فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ..

أي: لم ينظروا إلى وقت آخر، ولم يمهلوا. قال ابن كثير: أي: لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله تعالى فيها فقدتهم، فلهذا استحقوا أن لا ينظروا، ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم، ولنا عودة في الفوائد على هذا المقام

وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>