إن دروس ما مر من قبل في هذا المقطع تأتينا هنا بشكل مكثف فلنعرف ذلك.
[التفسير]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا ذكر لي بعض الدارسين للغة العبرية أن كلمة (راعينو) ومشتقاتها لا زالت تستعمل في اللغة العبرية الحالية كلمة سباب. هذه الكلمة يشبهها في اللغة العربية من حيث اللفظ مع اختلاف المعنى كلمة (راعنا). فكان اليهود يستعملون هذه الكلمة في خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متسترين بمعناها العربي، وهم يريدون الإساءة. وكان المسلمون يظنون باليهود خيرا فتابعوهم على ذلك؛ فأنزل الله الآية. وبعض المفسرين ظنوا أن سبب النهي عن استعمال كلمة (راعنا) أن اليهود كانوا يستعملونها ويريدون (الرعونة) ولا يبعد أن يكون هناك صلة بين اللغة العبرية وهذا المعنى في الاشتقاق.
قال السدي: «كان رجل من اليهود من بني قينقاع يدعى رفاعة بن زيد يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فإذا لقيه فكلمه قال: ارعني سمعك، واسمع عير مسمع، وكان المسلمون يحسبون أن الأنبياء تفخم بهذا؛ فكان ناس منهم يقولون اسمع غير مسمع (غير سامع)، وهي كالتي في سورة النساء فتقدم الله إلى المؤمنين أن لا يقولوا راعنا».
وقال الحسن: الراعن من القول السخري منه، نهاهم الله أن يسخروا من قول محمد صلى الله عليه وسلم وما يدعوهم إليه من الإسلام.
قال ابن كثير: نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يعنون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص، عليهم لعائن الله، فإذا أرادوا أن يقولوا: اسمع لنا، يقولون: راعنا ويورون بالرعونة ...
والغرض أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ ...
أخرج الإمام أحمد .. عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم».
وأخرج أبو داود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من تشبه بقوم فهو منهم».