الذين يستأهلون رضوان الله، وهم الذين يقيمون دين الله، ولا يتفرّقون فيه.
٤ - وإذن فنحن الآن أمام موضوع من أهمّ الموضوعات التي يجب أن يعرفها كل مسلم، وهو موضوع جماعة المسلمين، ما هي صفاتها؟ وما هي خصائصها؟ إنّ الله عزّ وجلّ يعطينا الميزان الذي نتعرّف به على جماعة المسلمين لنلتزم بها، ونتحقق بأخلاقياتها. ولقد قدمت السورة لذلك بأمور كثيرة:
إنّ الجماعة التي تقيم دين الله ولا تتفرّق فيه هي التي تتحقّق بمواصفات معيّنة، هي التي تذكرها الفقرة الأولى من المجموعة الثالثة، وأي صفة من هذه الصفات لا تظهر في الجماعة تجعلها غير مرشحة لإقامة دين الله، وتجعلها معرّضة للتفرق فيه. إن على المسلمين جميعا أن يكونوا جماعة واحدة وهذا هو الطريق لذلك:
[المجموعة الثالثة من المقطع الثاني وهي الآيات (٣٦ - ٥١)]
[تفسير الفقرة الأولى من المجموعة الثالثة]
فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا قال ابن كثير: أي: مهما حصلتم وجمعتم فلا تغتروا به فإنّما هو متاع الحياة الدنيا، وهي دار دنيئة فانية زائلة لا محالة وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى وثواب الله تعالى خير من الدنيا وهو باق سرمدي، فلا تقدّموا الفاني على الباقي، لكن من هم الذين يستأهلون هذا الثواب؟ لِلَّذِينَ آمَنُوا بالغيب وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فلا يتوكّلون على غيره
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ كالشرك وقذف المحصنات والفرار من الزحف، وغير ذلك من الموبقات وَالْفَواحِشَ أي: ما عظم قبحه وفحشه كالزنا واللواط وَإِذا ما غَضِبُوا في أمر دنيوي أو شخصي هُمْ يَغْفِرُونَ أي: سجيتهم تقتضي الصفح والعفو عن النّاس، وليس من سجيّتهم الانتقام من الناس إذا أساءوا لأشخاصهم
وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ أي اتّبعوا رسله، وأطاعوا أمره واجتنبوا زجره، فأقاموا دينه واجتمعوا عليه وَأَقامُوا الصَّلاةَ أي: وأتموا الصلوات الخمس. وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ قال ابن كثير: أي لا يبرمون أمرا حتى يتشاوروا فيه؛ ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها. وقال النسفي: أي ذو شورى لا ينفردون برأي حتى يجتمعوا عليه، وعن الحسن: ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم وَمِمَّا