للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي. .. إلى قوله ... أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

٢ - فسر الرسول صلى الله عليه وسلم اتخاذ اليهود والنصارى أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله: بأنهم أحلوا لهم الحرام، وحرموا عليهم الحلال، فاتبعوهم كما سنرى في سورة براءة. فكل من تابع إنسانا أو حزبا في تحريم حلال أو تحليل حرام فقد اتخذه ربا

٣ - دل قوله بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ، وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ أن العلم والتعليم صفتان رئيسيتان من صفات الرباني، فلا بد إذن ليكون الإنسان ربانيا، أن يكون شديد التمسك بدين الله وشرعه، وطاعة ربه، وأن يجتمع له مع ذلك تعليمه الكتاب وتعلمه. ودل قوله تعالى: بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ أن الشئ الرئيسي الذي يعلمه الربانيون هو الكتاب.

وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ أي أخذ العهد عليهم لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ يحتمل معنيين الأول: لمهما آتيتكم من

كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول لتؤمنن به، ولتنصرنه. والثاني: أخذ الله ميثاقهم لتؤمنن بالرسول، ولتنصرنه لأجل أني آتيتكم الكتاب والحكمة، أي لأجل إيتائي إياكم الكتاب والحكمة، عليكم أن تؤمنوا بالرسول وتنصروه. قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي الإصر: العهد الثقيل لأنه مما يؤصر، أي يشد ويعقد فصار المعنى: أأقررتم بذلك وقبلتم عهدي الثقيل على ذلك؟ دل ذلك على أن موضوع المتابعة بالحق والخير أمر شاق لا يستطيعه إلا من زكى الله نفسه. قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا أي فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار، وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ على ذلك من إقراركم وتشاهدكم، وهذا توكيد عليهم، وتحذير من الرجوع إذا علموا بشهادة الله وشهادة بعضهم على بعض.

فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ أي بعد هذا الميثاق فنقض العهد بعد قبوله، وأعرض عن الإيمان بالنبي الجديد. فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أي المتمردون الكفرة.

أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ أي لو أنهم لم يبايعوا من أرسل الله إليهم من الرسل الذين أخذ العهد عليهم بمتابعتهم، فإنهم في هذه الحالة لا يكونون على دين الله، ولا يكونون مسلمين مع أنه، وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ من الملائكة، وَالْأَرْضِ من الإنس والجن وغيرهما. طَوْعاً وَكَرْهاً فالمؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله، والكافر مستسلم لله كرها، فإنه تحت

<<  <  ج: ص:  >  >>