شهوات سرعان ما ينحرف عن التوازن فيشط به هنا أو هناك؛ ويوقعه في المعصية وهو ضعيف عن الاحتفاظ بالتوازن السليم ..
يعلم الله- سبحانه- عن هذا المخلوق كل هذا فيمد له في العون؛ ويوسع له في الرحمة؛ ولا يأخذه بمعصيته حتى يهيئ له جميع الوسائل ليصلح خطأه ويقيم خطاه على الصراط. وبعد أن يلج في المعصية، ويسرف في الذنب، ويحسب أنه قد طرد وانتهى أمره، ولم يعد يقبل ولا يستقبل. في هذه اللحظة- لحظة اليأس والقنوط- يسمع نداء الرحمة الندي اللطيف: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
وليس بينه- وقد أسرف في المعصية، ولج في الذنب، وأبق عن الحمى، وشرد عن الطريق- ليس بينه وبين الرحمة الندية الرخية، وظلالها السمحة المحيية. ليس بينه وبين هذا كله إلا التوبة. التوبة وحدها. الأوبة إلى الباب المفتوح الذي ليس عليه بواب يمنع، والذي لا يحتاج من يلج فيه إلى استئذان.
وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ.
الإنابة. والإسلام. والعودة إلى أفياء الطاعة وظلال الاستسلام .. هذا هو كل شيء. بلا طقوس ولا مراسم ولا حواجز ولا وسطاء ولا شفعاء!.
إنه حساب مباشر بين العبد والرب. وصلة مباشرة بين المخلوق والخالق. من أراد الأوبة من الشاردين فليؤب. ومن أراد الإنابة من الضالين فلينب. ومن أراد الاستسلام من العصاة فليستسلم. وليأت. ليأت وليدخل فالباب مفتوح. والفئ والظل والندى والرخاء. كله وراء الباب لا حاجب دونه ولا حسيب!).
[كلمة في السياق]
١ - [الصلة بين المجموعة الثانية من المقطع الثاني وبين المقطع الأول]
يلاحظ أن هذه المجموعة تبنى على معان موجودة في المقطع الأول وتكمّلها،