والفطور جمع فطر وهو في الأصل: بمعنى الشق والصدع واستعمل هنا بمعنى الخلل
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ أي: كرر النظر كَرَّتَيْنِ أي: مرتين، أي: مرة مع الأولى، وقيل سوى الأولى فتكون ثلاث مرات، وقيل لم يرد الاقتصار على مرتين، بل أراد به التكرير بكثرة، أي: كرر نظرك ودققه هل ترى خللا أو عيبا، وجواب الأمر: يَنْقَلِبْ أي: يرجع إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً أي: ذليلا صاغرا، أو بعيدا عن أن يرى عيبا وَهُوَ حَسِيرٌ أي: كليل قد انقطع من الإعياء من كثرة التكرر، ولا يرى نقصا.
قال ابن كثير: ولما نفى عنها في خلقها النقص بين كمالها وزينتها فقال: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ قال النسفي: أي: بكواكب مضيئة كإضاءة الصبح، والمصابيح: السرج فسميت بها الكواكب. أقول: ولعل المراد بهذه المصابيح الكواكب السيارة وحدها كما سنرى في الفوائد وَجَعَلْناها رُجُوماً قال النسفي: والرجوم جمع رجم أو هو مصدر سمي به ما يرجم به لِلشَّياطِينِ قال النسفي: ومعنى كونها رجوما للشياطين أي: ينفصل عنها شهاب قبس يؤخذ من نار فيقتل الجني أو يخبله. قال ابن كثير: عاد
الضمير في قوله:
وجعلناها على جنس المصابيح لا على عينها، لأنه لا يرمى بالكواكب التي في السماء بل بشهب من دونها، وقد تكون مستمدة منها. أقول: وليس شرطا أن يكون الانفصال آنيا بل قد يكون الانفصال قد تم من قبل، ومن المعلوم أنه في هذا الفضاء تسبح أشياء كثيرة سوى النجوم والكواكب، كما أنه من المعلوم أن كوكبا سيارا سوى التسعة قد انفجر منذ زمن بعيد، وخلف وراءه كويكبات، وعلى كل فالنيازك التي تدخل جو الأرض ويصل بعضها إلى الأرض أحيانا هي من مادة الأرض والكواكب؛ لأن المادة واحدة، ولنا عودة على هذا الموضوع وَأَعْتَدْنا لَهُمْ أي: للشياطين عَذابَ السَّعِيرِ أي: في الآخرة بعد الإحراق بالشهب في الدنيا. قال ابن كثير: أي:
جعلنا للشياطين هذا الخزي في الدنيا، وأعتدنا لهم عذاب السعير في الأخرى
وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا أي: وأعتدنا للذين كفروا بِرَبِّهِمْ من الشياطين ومن الإنس عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ أي: المآل والمنقلب
إِذا أُلْقُوا فِيها أي: إذا طرحوا في جهنم كما يطرح الحطب في النار العظيمة سَمِعُوا لَها أي: لجهنم شَهِيقاً قال ابن جرير يعني: الصياح. وقال النسفي: أي: صوتا منكرا، شبه حسيسها المنكر الفظيع بالشهيق وَهِيَ تَفُورُ أي: تغلي بهم غليان المرجل بما فيه
تَكادُ تَمَيَّزُ أي: تتميز يعني: تتقطع وتتفرق مِنَ الْغَيْظِ على الكفار. قال النسفي: فجعلت