العادُونَ أي: المتجاوزون عن الحلال إلى الحرام، قال النسفي: وهذه الآية تدل على حرمة المتعة ووطء الذكران والبهائم والاستمناء بالكف،
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ قال النسفي: وهي تتناول أمانات الشرع وأمانات العباد وَعَهْدِهِمْ أي:
عهودهم، قال النسفي: ويدخل فيها عهود الخلق والنذور والأيمان راعُونَ أي:
حافظون غير خائنين ولا ناقضين، قال ابن كثير في الآية: أي: إذا اؤتمنوا لم يخونوا، وإذا عاهدوا لم يغدروا
وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ قال النسفي: (أي:
يقيمونها عند الحكام بلا ميل إلى قريب وشريف، وبلا ترجيح للقوي على الضعيف؛ إظهارا للصلابة في الدين، ورغبة في إحياء حقوق المسلمين)، وقال ابن كثير:
(أي: محافظون عليها لا يزيدون فيها ولا ينقصون منها ولا يكتمونها)
وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ قال ابن كثير: أي: على مواقيتها وأركانها وواجباتها ومستحباتها، افتتح الكلام بذكر الصلاة، واختتمه بذكرها، فدل على الاعتناء بها، والتنويه بشرفها. وقال النسفي: (كرر ذكر الصلاة لبيان أنها أهم، أو لأن إحداهما للفرائض والأخرى للنوافل، وقيل الدوام عليها: الاستكثار منها، والمحافظة عليها: أن لا تضيع عن مواقيتها. أو الدوام عليها: أداؤها في أوقاتها، والمحافظة عليها: حفظ أركانها، وواجباتها، وسننها وآدابها)،
أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ أي:
أصحاب هذه الصفات في جنات مكرمون، قال ابن كثير: أي: مكرمون بأنواع الملاذ والمسار.
[كلمة في السياق]
١ - جاءت هذه المجموعة في سياق السورة لتبين خصائص الإنسان الذي خرج عن صفة الهلع إلى صفة الصبر، ومجئ هذه الآيات في سياق قوله تعالى: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا واضح الدلالة، فالمجموعة تذكر الخصائص التي عنها ينبثق خلق الصبر:
الدوام على الصلاة، والإنفاق، والإيمان باليوم الآخر، والإشفاق من عذاب الله، وإحصان الفروج، وحفظ الأمانات، والوفاء بالعهود، والقيام بالشهادات، والمحافظة على الصلوات، هذه الأخلاق هي التي ينبثق عنها خلق الصبر، ويتحرر بها الإنسان من خلق الهلع، وذلك درس كبير في التربية ينبغي أن يعرفه حملة الإسلام فيتحققوا به، يربوا عليه، وكأن المجموعة تقول: تحقق بهذا كي تصبر على ما تلقاه من أخلاق الكافرين وأقوالهم وأفعالهم.