للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنس والجن تضافروا على إبطال هذه الدعوة، ومعاداة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء هذا الأمر بهذا الإعلان ليبين أن هذا التمالؤ والتواطؤ على العداء ليس له ما يبرره، إذ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل سوى عبادة الله وحده فكيف يستحق أن يوقف معه هذا الموقف؟.

[الأمر الثاني]

قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا أي: مضرة وَلا رَشَداً أي: نفعا، قال النسفي: يعني لا أستطيع أن أضركم، ولا أنفعكم؛ لأن الضار والنافع هو الله، أقول: ويحتمل أن يكون المراد بالضر ما يقابل الرشد وهو الغي، فيكون المعنى: إني لا أملك لكم غواية أو هداية، وإنما علي البلاغ، ويؤيد هذا ذكر البلاغ في مضمون الأمر الثالث، قال ابن كثير في الآية: أي: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي، وعبد من عباد الله، ليس إلي من الأمر شئ في هدايتكم ولا غوايتكم بل المرجع في ذلك كله إلى الله عزّ وجل.

[كلمة في السياق]

١ - يأتي هذا الأمر بهذا الإعلان ليبين للكافرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدعي فوق مقامه، ولا يدعي أنه يملك نفعا أو ضرا، أو هداية أو ضلالا، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يحارب من هذا شأنه، ولا يفكر في مضمون دعوته، وفي ذلك درس بليغ لبعض الذين يتصدرون للدعوة إلى الله، فيشعرون مريديهم وتلاميذهم أن بيدهم الهداية والضلال، والنفع والضر، فكيف يفعلون ذلك وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمر أن يعلن هذا الإعلان الذي ذكرناه.

٢ - بالتأمل في صلة السورة بمحورها ندرك أن مضمون الآية يخدم محور السورة، فالمحور يقص علينا قصة إصرار الكافرين على الكفر، وعدم قبولهم الإنذار سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فأمام هذا الموقف يأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً فإذا اخترتم لأنفسكم الكفر فأنتم تتحملون مسئولية ذلك، والله الذي بيده الضر والرشد هو الذي سيتولى أمركم، والأمر إليه، فأنا لا أستطيع الانتقام منكم إلا بإذنه، ولا أستطيع نفعكم إلا بإذنه، فصححوا علاقتكم به.

<<  <  ج: ص:  >  >>