والتوضيح، فالقرآن مبين عن الله وصفاته مبين عن الله ورسله، مبين عن سنن الله وشرعه ودينه، مبين عن طبيعة الإنسان وخصائص الإنسان وأدواء الإنسان وطرق علاجها، بل إنه مبين لكل شئ يحتاجه الإنسان
رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ هذا إخبار عن الكفار أنهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر ويتمنّون لو كانوا مسلمين في الدنيا، ومتى يكون هذا؟ هل هو عند النزع إذا كشف الحجاب، أو يكون يوم القيامة إذا عاينوا حالهم وحال المسلمين، أو إذا رأوا عصاة المسلمين يخرجون من النار، أو إذا رأوا المسلمين يعبرون على الصراط، أو إذا رأوا أهل الجنة في الجنة، أو عند هذا كله؟ أقوال للعلماء، ولم استعملت ربما التي تفيد التقليل في هذا المقام مع أن تمني الإيمان والإسلام في هذه المقامات قطعي وكثير وكبير؟ الجواب: إنما جئ ب (ربما) للإشعار بأن ما سيرونه من أهوال يشغلهم عن التمني، وبناء عليه يصدر الله عزّ وجل لرسوله صلّى الله عليه وسلّم أمرا فيه إهانة لهم فيقول
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا بدنياهم وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ أي ويشغلهم أملهم وأمانيهم عن حقيقة أنفسهم وعما أمامهم وعن الحق الذي أنزل إليك وعما كلفوا به فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ أي سوء صنيعهم، والمعنى: اقطع طمعك من ارعوائهم لأن الإنذار وعدمه في حقهم سواء.
[كلمة في السياق]
نلاحظ أن الآية الأولى في السورة لها صلة بالآية الأولى من سورة البقرة:
الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (سورة البقرة) الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (سورة الحجر) ثم نلاحظ الصلة المباشرة بين تتمة المجموعة وبين قوله تعالى من مقدمة سورة البقرة:
بدأ ذلك بقوله تعالى رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ* ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وتأتي بقية المجموعة لتعلّل سبب هذا الأمر، ومن خلال ذلك نعرف أن الكلام في المجموعة عن نوع من الكفار لا يؤثر فيهم الإنذار وكل ذلك مرتبط بمقدمة سورة البقرة.