٢ - ذكرت المجموعة خلقين للكافرين: الهلع، والجزع، ومن قبل ذكرت السورة بعض أخلاق الكافرين: استعجال العذاب، واستبعاد وقوع اليوم الآخر، والإدبار، والتولي، وستذكر أخلاقا أخرى، وبذلك تعرفنا السورة على أخلاق الكافرين، ولذلك صلاته بمحور السورة.
[تفسير المجموعة الثالثة]
فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ أي: عندك مُهْطِعِينَ أي: مسرعين، قال ابن كثير: أي: فما لهؤلاء الكفار الذين عندك يا محمد مهطعين، أي: مسرعين نافرين منك
عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ أي: عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم، وعن شماله عِزِينَ أي: فرقا شتى. قال ابن كثير:(أي: متفرقين) وعزين واحدها عزة أي: فرقة. قال ابن كثير في الآيتين:(يقول تعالى منكرا على الكفار الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهم مشاهدون له ولما أرسله الله به من الهدى وما أيده الله به من المعجزات الباهرات، ثم هم مع هذا كله فارون منه متفرقون عنه، شاردون يمينا وشمالا فرقا فرقا، وشيعا شيعا). وقال قتادة في تفسير عزين: أي: فرقا حول النبي صلى الله عليه وسلم، لا يرغبون في كتاب الله ولا في نبيه. أقول: دلت الآيتان على أن الكافرين منهمكون في أعمال الحياة الدنيا، معرضون عن التلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، زاهدون في ذلك. ودلتا على أن أدب المسلم الاطمئنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، والالتفاف حوله
أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ مع إعراضهم عن تلقي الهدى من رسول الله صلى الله عليه وسلم
كَلَّا قال ابن كثير: أي: أيطمع هؤلاء- والحالة هذه من فرارهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونفارهم عن الحق- أن يدخلوا جنات النعيم؟ كلا، بل مأواهم جهنم، ثم قال تعالى مقررا لوقوع المعاد الذي أنكروا كونه، واستبعدوا وجوده مستدلا عليهم بالبداءة: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ أي: من المني الضعيف، أي: إنا خلقناهم من نطفة كما خلقنا بني آدم كلهم، ومن حكمنا ألا يدخل أحد الجنة إلا بالإيمان، فلم يطمع أن يدخلها من لا إيمان له!
مشارق الشمس ومغاربها إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ أي: على أن نهلكهم ونأتي بخلق أمثل منهم وأطوع لله وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي: بعاجزين، فإذا كان الأمر كذلك فما لهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر والرسول خضوعا لله وإخباتا له.