قُلْ يا محمد ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي: على القرآن أو الوحي أو الإنذار مِنْ أَجْرٍ أي: ما أسألكم على هذا البلاغ، وهذا النصح أجرا تعطونيه من عرض الحياة الدنيا؛ حتى تظنوا بي
الظنون وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ أي: من الذين يتصنّعون ويتحلّون بما ليسوا من أهله، وما عرفتموني قط متصنّعا ولا مدّعيا بما ليس عندي؛ حتى أنتحل النّبوة، وأتقوّل القرآن، أمره أن يلفت نظرهم إلى خصائصه الذاتية التي تدل- وحدها- على أنّه لا يمكن أن يكون إلا رسولا صادقا لله.
ثم أمره أن يلفت نظرهم إلى خصائص القرآن إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ أي: ما القرآن إلا ذكر من الله للثقلين أوحي إلي، فأنا أبلغه
وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ أي: خبر القرآن وما فيه من الوعد والوعيد، وذكر البعث والنشور بَعْدَ حِينٍ أي: بعد الموت أو يوم القيامة. قال صاحب الظلال رحمه الله:
(إنها الدعوة الخالصة للنجاة، بعد كشف المصير وإعلان النذير. الدعوة الخالصة التي لا يطلب صاحبها أجرا. وهو الداعية السليم الفطرة، الذي ينطق بلسانه، لا يتكلّف ولا يتصنّع، ولا يأمر إلا بما يوحي منطق الفطرة القريب. وإنه للتذكير للعالمين أجمعين فقد ينسون ويغفلون. وإنه للنبإ العظيم الذي لا يلقون بالهم إليه اليوم، وليعلمن نبأه بعد حين. نبأه في الأرض- وقد علموه بعد سنوات من هذا القول- ونبأه في اليوم المعلوم. عند ما يحق وعد الله اليقين: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
إنه الختام الذي يتناسق مع افتتاح السورة ومع موضوعها والقضايا التي تعالجها.
وهو الإيقاع المدوي العميق، الموحي بضخامة ما سيكون: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ).
[كلمة في السياق والمقطع]
١ - نلاحظ أن المجموعة الأخيرة لفتت نظرهم إلى مجموعة الأمور التي لو تأمّلوها لآمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلم وقبلوا إنذاره، ومن جملة ذلك كون القرآن ذكرا وهو المعنى الذي بدأت به السورة، وتوسّطت به، وانتهت به ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ. إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ