إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ مر معنا تعريف الصابئين في سورة البقرة وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ أي عباد النار وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا مع الله غيره كائنا من كانوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي يحكم بينهم إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أي عالم به، حافظ له، فلينظر كل امرئ معتقده، وقوله وفعله، وهو أبلغ وعيد.
[كلمة في السياق]
ما محل هذه الآية في السياق؟ إنه بعد أن ذكر الله عزّ وجل قضية اليأس من نصر الله في الدنيا والآخرة، قرر هنا مؤكدا أنه سيفصل ويحكم يوم القيامة بين أهل العقائد المختلفة، أي أن أهل الإيمان منتصرون حتما في الآخرة، وهذا هو النصر الكبير، ولنعد إلى التفسير:
أَلَمْ تَرَ أي ألم تعلم علما يقوم مقام العيان أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له، فإنه يسجد لعظمته كل شئ طوعا وكرها، وسجود كل شئ مما يختص به، وهل هو سجود حقيقي فيكون لكل سجوده الخاص وإن كنا لا نقف عليه، أو أن في ذلك كناية عن مطاوعة غير المكلف له فيما يحدث فيه من أفعاله وتسخيره له، فهذا سجوده له تشبيها لمطاوعته بسجود المكلف الذي كل خضوع دونه؟ اتجاهان في التفسير ذكرهما النسفي وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أي ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة وعبادة وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ أي وكثير منهم حق عليه العذاب بكفره وإبائه السجود الاختيارى وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ أي ومن يهنه الله بالشقاوة فما له من مكرم بالسعادة إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ من الإكرام والإهانة وغير ذلك.
[كلمة في السياق]
يأتي هذا الخطاب الذي يقرر خضوع خلق الله جميعا لله في سياق الإنكار على من ييأس من نصر الله، وفي سياق الإنكار على من يعبد الله على حرف؛ ليبين أن الأمر أمره، والملك ملكه، وكل شئ خاضع له، وأن من يفر من عبادته أمامه ما أمامه، وأن الذي ييأس من نصره لا يعرف حقيقة الأمر من كون كل شئ خاضعا له خضوع