يعطني وسبني عبدي، يقول: وا دهراه وأنا الدهر» قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما من الأئمة في تفسير قوله صلّى الله عليه وسلم «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر»: كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا: يا خيبة الدهر، فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر، ويسبونه، وإنما فاعلها هو الله تعالى، فكأنهم إنما سبّوا الله عزّ وجل، لأنه فاعل ذلك في الحقيقة، فلهذا نهى عن سبّ الدهر بهذا الاعتبار، لأن الله تعالى هو الدهر الذي يعنونه ويسندون إليه تلك الأفعال، هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد والله أعلم. وقد غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدّهم الدهر من الأسماء الحسنى أخذا من هذا الحديث).
٦ - [كلام ابن كثير حول آية وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً]
في قوله تعالى: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً قال ابن كثير: (أي: على ركبها من الشدة والعظمة، ويقال: إن هذا إذا جئ بجهنم فإنها تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا بركبتيه حتى
إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، ويقول نفسي نفسي نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي، وحتى إن عيسى عليه الصلاة والسلام ليقول: لا أسألك اليوم إلا نفسي، لا أسألك مريم التي ولدتني. قال مجاهد وكعب الأحبار والحسن البصري كل أمة جائية أي: على الركب. وقال عكرمة: جاثية متميزة على ناحيتها، وليس على الركب والأولى أولى. روى ابن أبي حاتم بسنده أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:«كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم». وروى إسماعيل بن أبي رافع المديني عن محمد بن كعب عن أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعا في حديث الصور فيتميز الناس وتجثو الأمم وهي التي يقول الله تعالى: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا وهذا فيه جمع بين القولين ولا منافاة والله أعلم).
٧ - [كلام ابن كثير حول آية إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]
بمناسبة قوله تعالى: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قال ابن كثير:
(أي: إنا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم. قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: تكتب الملائكة أعمال العباد، ثم تصعد بها إلى السماء، فيقابلون الملائكة الذين في ديوان الأعمال على ما بأيدي الكتبة، مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم فلا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا ثم قرأ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
٨ - [كلام ابن كثير حول آية نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا]
بمناسبة قوله تعالى: نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قال ابن كثير:
وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة: «ألم أزوجك؟ ألم