الآيتين بأن: الفضة للأبرار، والذهب واللؤلؤ للمقربين، قال ابن كثير:(وهذه صفة الأبرار، وأما المقربون فكما قال تعالى: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ وأما النسفي فقال في الجمع بين الآيتين: (قال ابن المسيب:
لا أحد من أهل الجنة إلا وفي يده ثلاثة أسورة، واحدة من فضة، وأخرى من ذهب، وأخرى من لؤلؤ) والله أعلم.
[كلمة أخيرة في سورة الإنسان ومجموعتها]
رأينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرر سورة الإنسان في صلاة الصبح يوم الجمعة، وما ذلك إلا لما تضمنته من معان يستغرق التبشير منها حيزا كبيرا، ورسولنا صلى الله عليه وسلم أمر أن يبشر المؤمنين، ولا شك أن من يصلي الصبح في جماعة فذلك مظنة الإيمان، فإن يسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة كل جمعة سورة الإنسان فذلك تحقيق للأمر بالتبشير، فالسورة وإن أنذرت إلا أنه يغلب عليها التبشير، وهي مع ذلك تدل على الطريق إلى الله، وتذكر بمكارم الأخلاق العليا.
وسورة الإنسان تكمل سورة القيامة، فسورة القيامة تبرهن على مجئ يوم القيامة، وسورة الإنسان تتحدث عما يكون يوم القيامة، وعما أعد الله لنوعي الناس الكفار والأبرار فيه، كما أنها تذكر الطريق للنجاة يوم القيامة، وبهذا تتكامل السورتان اللتان تشكلان مجموعة واحدة.
وسورة القيامة ناقشت أخطر قضيتين تبرزان بشكل حاد في الحياة البشرية وهما استبعاد البعث، وتصور أن الإنسان حر غير مسئول، وهاتان القضيتان هما محور أكثر ما يكتب في العالم اليوم، حتى إنك لو أردت أن تلخص الأفكار المطروحة في سوق الأدب والفكر لوجدتها تتلخص بالعناوين التالية: الإنسان حر غير مسئول أمام الله، الهزؤ من التكاليف الدينية، الإنسان صانع حياته وسلوكه وأفكاره ومجتمعه. كل هذه المعاني يدور حولها بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر التوجيه العام للأنظمة في العالم كله وتنبثق عنها كتب المدارس الفكرية والفلسفية والأدبية والفنية في العالم، حتى ليندر كتاب فكري لا تجد فيه مثل هذه المعاني، بل إن أجهزة الإعلام من راديو