ملك بابل). وبعد أن يذكر ابن كثير طرفا من أخبار بختنصر يقول: وجرت أمور وكوائن يطول ذكرها، ولو وجدنا ما هو صحيح أو يقاربه لجاز كتابته وروايته. والله أعلم. ولكن ما قاله ابن كثير لا يجيب على الأسئلة التي ذكرناها كلها، ومن ثم اقتضى هذا منا أن نقف وقفة عند هذا الموضوع سنراه في الفوائد وهو موضوع مهم لأنه قضية عصرنا.
كلمة في السياق:[في صلة المجموعة بالمحور، وتحقق مثل إفسادتي بني إسرائيل في أمتنا]
رأينا أن محور السورة هو أخذ العبرة مما حدث لبني إسرائيل في إخلالهم بنعمة الوحي والرسالة، وذلك في حيّز الأمر بالدخول في الإسلام جميعه، وترك اتباع خطوات الشيطان كلها، وهذه المجموعة تنصب انصبابا مباشرا على هذا الموضوع، فبنو إسرائيل انحرفوا فأفسدوا، وطغوا وعطلوا شريعة الله؛ فسلّط الله عليهم، فيا هذه الأمة لا تفعلي فعلهم فيسلّط عليك، ثم إذا تابوا ورجعوا يرفع الله البلاء، وأنت يا هذه الأمة كذلك، ثم إذا عاد الإفساد عاد التسليط، فاحذري يا هذه الأمة ذلك.
وقد حدث لأمتنا ما حدث لبني إسرائيل من إفساد وبغي فعطلت شريعة الله وعطلت حدوده إلا قليلا، فسلط عليها المغول والتتار والصليبيون ثم المستعمرون الغربيون والشيوعيون واليهود، وليس أمام هذه الأمة خيار: إما التوبة والاستغفار والعودة إلى شريعة الواحد القهار، وإما الدّمار والبوار، ولكن من يسمع ومن يعقل؟
إن من يرى هذا الإسراع في الكفر والمعاصي والاستهتار والتهالك على الشهوات، وكثرة المباهاة بالردة، ومعاداة شرع الله لا يعجب كيف سلط علينا هذا التسليط، ومن رأى تدابر أهل الخير وتقاطعهم وتحاسدهم وتشتت قلوبهم، ومعاداتهم لبعضهم، لم يستغرب تسلط الكفر في داخل البلاد على أهلها، وتسلط الكافرين من خارجها على الجميع.
الفوائد:[حول موضوع إفسادتي بني إسرائيل]
نحب أن نذكر هاهنا ما وعدنا به من كلام حول الإفسادتين لبني إسرائيل، ونقدم لذلك ببعض المقدمات:
١ - [تقديم لا بد منه لفهم موضوع إفسادتي بني إسرائيل]
إن النص يحدثنا عن إفسادتين لبني إسرائيل يرافقهما علو كبير، وهذا مهمّ جدا في فهم هذا الموضوع، لقد أفسد بنو إسرائيل إفسادات كثيرة ولكن لم يرافق كل ذلك علوّ كبير لهم ودولة، كما أنهم قد علوا علوّا كبيرا في مراحل كما حدث في زمن