والسلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت فقال: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فأقبلت الدعوة تحن بالعرش، قالت الملائكة:
يا رب هذا صوت ضعيف معروف، من بلاد بعيدة غريبة، فقال الله تعالى:
أما تعرفون ذلك؟ قالوا: يا رب ومن هو؟ قال عزّ وجل: عبدي يونس، قالوا:
عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبّل ودعوة مستجابة؟ قالوا يا رب أو لا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه من البلاء؟ قال: بلى فأمر الحوت فطرحه بالعراء» ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب به).
٥ - [كلام ابن كثير حول آية وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ وفوائد القرع]
بمناسبة قوله تعالى: وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ قال ابن كثير:
(وذكر بعضهم في القرع فوائد منها سرعة نباته، وتظليل ورقه لكبره، ونعومته، وأنّه لا يقربها الذباب، وجودة تغذية ثمره، وأنّه يؤكل نيئا ومطبوخا بلبه وقشره أيضا، وقد ثبت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يحبّ الدّبّاء ويتتبعه من حواشي الصفحة).
٦ - [مناقشة المؤلف لما جاء في سفر (يونان بن متاب) حول قصة يونس عليه السلام]
هناك سفر من أسفار العهد القديم اسمه سفر (يونان بن متاب) خاص بالكلام عن يونس عليه السلام، يتألف من أربعة إصحاحات، وهو كبقية أسفار أهل الكتاب، قد اختلط فيه الحق بالباطل.
(يتحدّث هذا السفر عن يونس، وأنه من بني إسرائيل، وأن الله كلّفه بالرسالة إلى أهل نينوى، فخشي التكليف، وأراد أن يفرّ إلى ترشيش، فركب السفينة، وحدث هيجان شديد في البحر، فاقترعوا فيمن يلقى في البحر، فوقعت القرعة على يونس، فألقوه في البحر، فسكن البحر والتقم الحوت يونس، فبقي في جوفه ثلاثة أيام وثلاث ليال، وصلّى يونس في جوف الحوت، فأمر الربّ الحوت فقذف يونس إلى البر، ثم كرر الله عزّ وجل الأمر إلى يونس بالذهاب إلى نينوى، فذهب وأنذر أهل نينوى أن الله عزّ وجل سيقلب نينوى بعد أربعين يوما، فآمن أهل نينوى فرفع الله العذاب عنهم، فاغتمّ يونس لأن الله لم يعذبهم، فأنبت الله اليقطينة عليه، ثمّ أماتها ليضرب له مثلا من حرصه عليها على حرص الله على خلقه، ويذكر السفر أن عدد أهل نينوى كان مائة وعشرين ألفا).
وكما ترى فالأخطاء في السفر كثيرة، فاليقطينة نبتت بعد الإلقاء من بطن الحوت، وليس كما زعم السفر، والإنذار لأهل نينوى كان قبل هرب يونس، والغمّ الذي أصاب يونس كان بعد الإنذار الأول، مما ترتب عليه الهرب، والظاهر أن ما في السفر قد