للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً

فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى قال النسفي: أي:

فذهب فأرى موسى فرعون العصا- أو العصا واليد البيضاء- لأنهما في حكم آية واحدة، وقال ابن كثير: يعني: فأظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليلا واضحا على صدق ما جاءه به من عند الله

فَكَذَّبَ أي: فرعون بموسى وبالآية الكبرى وسماهما ساحرا وسحرا وَعَصى الله. قال ابن كثير: أي:

فكذب بالحق وخالف ما أمر به من الطاعة، وحاصله أنه كفر قلبه فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره، وعلمه بأن ما جاء به حق لا يلزم منه أنه مؤمن به؛ لأن المعرفة علم القلب، والإيمان عمله، وهو الانقياد للحق والخضوع له

ثُمَّ أَدْبَرَ أي: تولى عن موسى يَسْعى أي: يجتهد في مكايدته. قال ابن كثير: أي: في مقابلة الحق بالباطل، وهو جمع السحرة؛ ليقابلوا ما جاء به موسى عليه السلام من المعجزات الباهرات

فَحَشَرَ أي: فجمع السحرة وجنده فَنادى أي: في قومه

فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى أي: لا رب فوقي، وهذا يشير إلى أنه كانت لهم أصنام يعبدونها معه، فجعل نفسه فوقها جميعا، ولم يعترف لله بالربوبية

فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ أي: تنكيل الْآخِرَةِ وَالْأُولى أي: فعاقبه عقوبة الدنيا والآخرة

إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور لَعِبْرَةً أي: لعظة لِمَنْ يَخْشى أي: لمن يتعظ وينزجر.

[كلمة في السياق]

١ - عرفنا من هذه القصة أن دعوة موسى عليه السلام تتضمن تزكية النفس وخشية الله عزّ وجل، وذلك يكون بمعرفة الله وعبادته، وجماع هذا كله التقوى، فالتقوى أثر عن معرفة الله، وزكاة النفس أثر عن معرفة الله وعن التقوى، وتوضيح هذه القضية من خلال قصة موسى عليه السلام واضح الصلة في الآيات الخمس الأولى من سورة البقرة عن المتقين.

٢ - في الآيات الخمس الأولى من سورة البقرة يرد قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ وما ورد معنا في السورة له صلة بما أنزل من قبل، وله صلة بالإيمان بالآخرة.

٣ - إن مجئ قصة موسى عليه السلام وفرعون في هذا السياق تحذير للذين يرفضون دعوة محمد صلى الله عليه وسلم بعذاب الدنيا وعذاب الآخرة. ومن ثم قال ابن كثير في بداية

<<  <  ج: ص:  >  >>