١ - أصبح واضحا أن للسورة سياقها الخاص وتسلسل معانيها، فالقيامة آتية وهناك نفختان، وسيحشر الناس في النفخة الثانية، وقسم من الناس يحشرون خائفين ذليلة أبصارهم، وهم الذين كانوا ينكرون يوم القيامة، مكذبين في ذلك رسل الله عليهم الصلاة والسلام، وقد أنذر الله هؤلاء أن يصيبهم ما أصاب قوم فرعون من عذاب الدنيا والآخرة، ثم أقام الحجة على هؤلاء بأن يوم القيامة آت، ثم ذكر حال الناس يومذاك، وسر النجاة، وسر الخسار، ثم أنكرت السورة على من يسأل عن وقت وقوع القيامة لأنه سؤال لا يترتب عليه عمل، وليست الإجابة عنه داخلة في اختصاص الرسول عليه الصلاة والسلام.
٢ - وبعد أن اتضح لنا السياق الخاص للسورة، فلنر صلتها بمحورها من سورة البقرة:
أ- الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فصلت السورة في التقوى فبينت أنها خوف الله وتزكية النفس، أو أنها خوف الله عزّ وجل وترك الشهوات، أو أنها ترك الطغيان وإيثار الآخرة على الدنيا، وإنما عرفنا ذلك لأن النجاة علقت على هذه المعاني، وقد ختمت الفقرة الأولى من مقدمة سورة البقرة بقوله تعالى عن المتقين: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
ب- الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ذكرت السورة طرفا من الغيب الذي يجب الإيمان به، والعمل بمقتضاه، وهيجت على العمل بشكل عام.
ج- وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ذكرت السورة طرفا مما أنزل على من قبل محمد صلى الله عليه وسلم، كما فصلت في موضوع اليوم الآخر، وأقامت الحجة في شأنه، ودعت إلى اليقين فيه.