قال الألوسي عن هذه السورة:(وآياتها ست بلا خلاف، وفيها إعلان ما فهم مما قبلها في الأمر بإخلاص العبادة له عزّ وجل ويكفي ذلك في المناسبة بينهما.
وجاء في حديث أخرجه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر مرفوعا وفي آخر أخرجه في الصغير عن سعد بن أبي وقاص كذلك، أنها تعدل ربع القرآن، ووجه ذلك الإمام بأن القرآن مشتمل على الأمر بالمأمورات، والنهي عن المحرمات، وكل منهما إما أن يتعلق بالقلب، أو بالجوارح، فيكون أربعة أقسام، وهذه السورة مشتملة على النهي عن المحرمات المتعلقة بالقلوب فتكون كربع القرآن، وتعقب بأن العبادة أعم من القلبية والقالبية والأمر والنهي المتعلقان بها لا يختصان بالمأمورات والمنهيات القلبية والقالبية، وأن مقاصد القرآن العظيم لا تنحصر في الأمر والنهي المذكورين بل هو مشتمل على مقاصد أخرى كأحوال المبدأ والمعاد، ومن هنا قيل لعل الأقرب أن يقال إن مقاصد القرآن التوحيد، والأحكام الشرعية، وأحوال المعاد، والتوحيد عبارة عن تخصيص الله تعالى بالعبادة، وهو الذي دعا إليه الأنبياء عليهم السلام أولا بالذات، والتخصيص إنما يحصل بنفي عبادة غيره تعالى، وعبادة الله عزّ وجل، إذ التخصيص له جزءان: النفي عن الغير، والإثبات للمخصص به، فصارت المقاصد بهذا الاعتبار أربعة وهذه السورة تشتمل على ترك عبادة غيره سبحانه والتبري منها فصارت بهذا الاعتبار ربع القرآن).
ومن كلام صاحب الظلال في تقديمه لهذه السورة: (لم يكن العرب يجحدون الله ولكن كانوا لا يعرفونه بحقيقته التي وصف بها نفسه. أحد، صمد. فكانوا يشركون به ولا يقدرونه حق قدره، ولا يعبدونه حق عبادته. كانوا يشركون به هذه الأصنام التي يرمزون بها إلى أسلافهم من الصالحين أو العظماء، أو يرمزون بها إلى الملائكة ..
وكانوا يزعمون أن الملائكة بنات الله. وأن بينه- سبحانه- وبين الجنة نسبا، أو ينسون هذا الرمز ويعبدون هذه الآلهة، وفي هذه الحالة أو تلك كانوا يتخذونها لتقربهم من الله كما حكى عنهم القرآن الكريم في سورة الزمر قولهم: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ..
ولقد حكى القرآن عنهم أنهم كانوا يعترفون بخلق الله السموات والأرض، وتسخيره للشمس والقمر، وإنزاله الماء من السماء كالذي جاء في سورة العنكبوت: وَلَئِنْ