موسيقاها. لمساتها الوجدانية التي تكمن وتتوزع هنا وهناك
.........
وهذه السورة تطوف بالقلب البشري في مجالات وآفاق وآماد وأعماق، وتعرض عليه الكون كله في شتى مجالاته الأخاذة: في السموات المرفوعة بغير عمد، وفي الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى. وفي الليل يغشاه النهار. وفي الأرض الممدودة وما فيها من رواس ثابتة وأنهار جارية وجنات وزروع ونخيل مختلف
الأشكال والطعوم والألوان، ينبت في قطع من الأرض متجاورات ويسقى بماء واحد- وفي البرق يخيف ويطمع، والرعد يسبح ويحمد، والملائكة تخاف وتخشع، والصواعق يصيب بها من يشاء، والسحاب الثقال والمطر في الوديان. والزبد الذي يذهب جفاء، ليبقى في الأرض ما ينفع الناس.
وهي تلاحق ذلك القلب أينما توجه: تلاحقه بعلم الله النافذ الكاشف الشامل، يلم بالشارد والوارد، والمستخفي والسارب ويتعقب كل حي، ويحصي عليه الخواطر والخوالج. والغيب المكنون الذي لا تدركه الظنون مكشوفا لعلم الله، وما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد.
إنها تقرب لمدارك البشر شيئا من حقيقة القوة الكبرى المحيطة بالكون ظاهره وخافيه جليله ودقيقه، حاضره وغيبه. وهذا القدر الذي يمكن لمدارك البشر تصوره هائل مخيف ترجف له القلوب، وذلك إلى الأمثال المصورة تتمثل في مشاهد حية حافلة بالحركة والانفعال إلى مشاهد القيامة. وصور النعيم والعذاب وخلجات الأنس في هذا وذلك. إلى وقفات على مصارع الغابرين وتأملات في سير الراحلين. وفي سنة الله التي مشت عليهم فإذا هم داثرون).
[كلمة في سورة الرعد ومحورها في السياق القرآني العام]