و- أخرج ابن مردويه: عن منصور عن ربعيّ قال: كنّا في جنازة حذيفة فسمعت رجلا يقول. سمعت هذا يقول في ناس مما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«لئن اقتتلتم لأنظرنّ إلى أقصى بيت في داري فلألجنّه، فلئن دخل عليّ فلان، لأقولن: ها، بؤ بإثمي وإثمك فأكون كخير ابني آدم». وقال أيوب السختياني: إنّ أول من أخذ بهذه الآية من الأمّة لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ لعثمان بن عفّان رضي الله عنه. رواه ابن أبي حاتم.
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أي: بسبب القتل المذكور. كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ خصّهم بالذكر وإن كان حكما مشتركا في كل شريعة أنزلها الله لأن التوراة أول كتاب سماوي نصّ عليه. أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ. أي: من قتل نفسا بغير قتل نفس. أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ. أي: أو بغير فساد في الأرض كالشرك، وقطع الطريق، وكل فساد يوجب القتل. فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً. أي: في الذنب لأن الاعتداء على نفس. اعتداء على النّفوس كلها. وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً. أي: ومن استنقذها من أسباب الهلكة، من قتل، أو غرق، أو هدم، أو غير ذلك فكأنّما أحيا النّاس، جعل قتل الواحد كقتل الجميع، وكذلك الإحياء، ترغيبا وترهيبا، لأنّ المتعرض لقتل النفس إذا تصوّر أنّ قتلها كقتل النّاس جميعا. عظم ذلك عليه فثبّطه، وكذا الذي أراد إحياءها، إذا تصوّر أنّ حكم إحياء نفس، حكم إحياء جميع الناس رغب في إحيائها قال قتادة: عظيم والله وزرها، عظيم والله أجرها.
وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ أي: بني إسرائيل رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ أي: بالآيات الواضحات ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ أي: بعد مجئ الرسل بالآيات فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ أي: لمتجاوزون الحدّ، ومن ذلك القتل، لا يبالون بفظاعته؛ حتى إنهم قتلوا الأنبياء. وبعد أن قرّر الله شناعة القتل إلّا في حالتين: حالة القصاص، وحالة الإفساد في الأرض. قرّر في الآية التالية: أنّ الذين يحاربون الله ورسوله، ويفسدون في الأرض، يستحقون القتل فقال.
ويسعون في الأرض مفسدين، بالصدّ عن دين الله، والسير في مسالك الشياطين.
أَنْ يُقَتَّلُوا دون صلب وقطع. أَوْ يُصَلَّبُوا مع القتل. أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ. أي: مختلفة اليد اليمين مع الرجل اليسرى. أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ. أي: أن يحبسوا ذلِكَ. أي: المذكور من العقوبات. لَهُمْ