للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوائد: [حول الآية (١٤١)]

١ - حرّم العرب في جاهليتهم أنواعا من الأنعام كما رأينا ذلك في سورة المائدة، وكما رأينا قبيل هذا المقطع من سورة الأنعام نفسها، والكلام هاهنا موجّه لهم أولا، ولكلّ من يشبههم على مدى الزمان في حالهم ثانيا كالهندوس الذين يحرّمون البقر، وكبعض الطوائف التي تحرّم الإبل، وكبعض الطوائف التي تحرّم الإناث من الغنم والبقر والماعز، ولا شك أن كل من حرّم ما أحل الله كافر، لأنّه مكذّب لله، والآيات واضحة في هذا.

٢ - عند قوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ تنشأ معركة فقهية ذات جوانب أصولية وفرعية كثيرة، فأبو حنيفة يستدلّ بهذه الآية على وجوب العشر، أو نصف العشر زكاة، من كل ما أخرجته الأرض، قليلا أو كثيرا، مطعوما أو غير مطعوم، يصلح للتخزين أو لا يصلح، ولا يقبل الأحاديث الصحيحة التي تقيّد هذا الإطلاق، لأنه يعتبر أن أحاديث الآحاد- ولو كانت صحيحة- لا تقوى على تخصيص القرآن، لأن ذلك نسخ، وأحاديث الآحاد لا تستطيع نسخ المتواتر لاحتمال الوهم عند رواتها، وفسّر عطاء النّص فقال: يعطي من حضره يومئذ ما تيسّر وليس بالزّكاة. وقال مجاهد في تفسيرها: وعند الصرام يعطي القبضة ويتركهم فيتّبعون آثار الصرام. وقال ابن كثير: «وقد كان شيئا واجبا في الأصل ثم إنّه فصّل بيانه وبيّن مقدار المخرج وكميته». قال هذا ردا على من زعم أن الآية منسوخة والشافعية- وابن كثير منهم- لا يوجبون زكاة الزروع والثمار إلا إذا كانت مما يزرعه الآدميون، وأن يكون قوتا يصلح للادخار وأن يبلغ نصابه خمسة أوسق أي ما يعادل ٦١٧ كيلو غراما فلا زكاة عندهم على الكمّون والقثّاء والبطيخ والقطن، ولا على أمثال ذلك، ولا على ما كان قليلا وفي الآية كلام كثير، فليراجع فى المطولات.

٣ - قال أبو العالية في سبب نزول قوله: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ:

«كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا، ثم تباروا فيه وأسرفوا، فأنزل الله وَلا تُسْرِفُوا. وقال ابن جريج: نزلت في ثابت بن قيس بن شمّاس جذّ نخلا له فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته- فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة- فأنزل الله تعالى:

وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ رواه ابن جرير عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>