كلمة في السياق:[حول معاني المقطع ومدى صلته بمحور السورة]
بدأت السورة بتقرير أن يوم القيامة آت، ونزّهت الله عن الشرك، وبيّنت أن الرسل بعثوا بالتوحيد. ثم ذكرت بعض ما خلق الله، وعدّدت نعمه، وفي ذلك برهان على التوحيد، ومن ثم برهان على اليوم الآخر، وهكذا وضعت هذه الآيات الأساس الأول في فهم قضية التوحيد التي تبنى عليها طاعة الله في كل ما أمر، والتي هي الأساس لفهم قضية اليوم الآخر المؤيد الأول لهذا التوحيد في مدلوله الواسع الذي منه الدخول في الإسلام كله، وترك اتباع خطوات الشيطان، إن الآيات التي مرّت معنا أفهمتنا أن الله سيقيم القيامة، والذي فعل هذا كله حري أن يطاع في كل أمر، وأن يتبع دينه كله شكرا له، فلنتذكر أن الآية التي هي محور سورة النّحل قالت: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
إن هذه الآية جاءت بعد الأمر بالدخول في الإسلام، وترك اتباع خطوات الشيطان، فكأنها تقول: ادخلوا في الإسلام، واتركوا خطوات الشيطان، فها هي القيامة قد قامت، فهل تنتظرون قيامها لتعقلوا؟ إنّه لا ينفعكم وقتذاك عمل، وهاهنا بدأ هذا المقطع بالتذكير أن أمر الله آت ليطالبنا بعد ذلك بالتوحيد والشكر اللذين يقابلهما الشرك والكفران: الأولان إسلام، والآخران من اتّباع خطوات الشيطان.
بمناسبة قوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ ...... ذكر ابن كثير ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تطلع عليكم عند الساعة سحابة سوداء من المغرب مثل الترس، فما تزال ترتفع في السماء، ثم ينادي مناد فيها: يا أيها الناس فيقبل الناس بعضهم على بعض: هل سمعتم؟ فمنهم من يقول نعم ومنهم من يشك، ثم ينادي الثانية: يا أيها الناس فيقول الناس بعضهم لبعض هل سمعتم؟ فيقولون نعم: ثم ينادي الثالثة: يا أيها الناس أتى أمر الله فلا تستعجلوه» قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «فو الذي نفسي بيده إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أبدا، وإن الرجل ليمدّن حوضه فما يسقي فيه شيئا أبدا، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدا- قال: