ذلك على أن الشرك والكفر ظلم للنفس أي ظلم. إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ يوم القيامة أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ أي: عذابه شديد. فصار المعنى:
لو يعلم هؤلاء الذين ارتكبوا الظلم العظيم بشركهم أن القدرة كلها لله تعالى على كل شئ من الثواب والعقاب دون أندادهم. ويعلمون شدة عقابه للظالمين إذا عاينوا العذاب يوم القيامة- والجواب المقدر- لكان منهم ما لا يدخل تحت الوصف من الندم والحسرة
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا أي الرؤساء المتبوعون مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا أي الأتباع. وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ أي الوصل التي كانت بينهم من الاتفاق على دين واحد، أو مذهب واحد، أو اتجاه واحد، ومن الأنساب والمحاب
وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً أي قال الأتباع: لو أن لنا عودة ورجعة إلى الدار الدنيا فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا أي: حتى نتبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم واتباعهم وطاعتهم كما تبرءوا منا. كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ أي ندامات. والمعنى: أن أعمالهم تنقلب عليهم حسرات. فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم. وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ بل هم فيها دائمون.
[فوائد]
١ - الصلة المباشرة بين هذه المجموعة والآية التي قبلها مباشرة واضحة، إذ إن الآية تدلل على وحدانية الله من خلال آياته في الكون. فكأن السياق يقول ومع هذا البرهان النير على توحيد الله، فإن من الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله.
فماذا يستحق هؤلاء من عذاب؟. وإذن فمن قوله تعالى: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ..
إلى نهاية هذا المقطع إنما هو أمر بالتوحيد الخالص المبني على الدليل الذي من آثاره المحبة الخالصة.
فصارت التوجيهات العامة في هذا المقطع السادس:
أن على المسلم أن يستعين بالصبر والصلاة، وألا يقول بموت الشهيد، وأن يسترجع حال المصيبة، وأن يسعى بين الصفا والمروة إذا حج أعتمر، وأن يبين حكم الله فلا يكتمه وألا يكفر، وأن يوحد التوحيد الخالص بالمحبة الخالصة.
وارتباط هذه المعاني بالسياق الكبير واضح. فهذه الأمة لا تتلقى إلا عن الله بواسطة رسوله، ولا تهتدي إلا بهداه في شعائرها وشرائعها. ومما يساعدها على ذلك،