للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يريد أن يخدم الخدمة العسكرية، إذا لم يرد أن يدفع بدلا، والذي نحب أن نذكر به: أنه في بلادنا يعتبر دفع البدل في مقابل الخدمة الإجبارية ميزة يسعى لها كل الناس.

فمن قبل هذه الشروط الثلاثة فله ما لنا وعليه ما علينا، وإلا فلا حرمة لدمه وماله وأهله.

ولزيادة الوضوح في تفسير آية الجزية ننقل بعض ما قاله الألوسي عند هذه الآية.

[قال الألوسي]

حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ أي ما تقرر عليهم أن يعطوه، وهي مشتقة من جزى دينه أي قضاه أو من من جزيته بما فعل، أي جازيته لأنهم يجزون بها من من عليهم بالعفو عن القتل. وفي الهداية أنها جزاء الكفر فهي من المجازاة، وقيل: أصلها الهمز من الجزء والتجزئة لأنها طائفة من المال يعطى، وقال الخوارزمي: إنها معرب- كزيت- وهو الخراج بالفارسية وجمعها جزى كلحية ولحى عَنْ يَدٍ يحتمل أن يكون حالا من الضمير في يُعْطُوا وأن يكون حالا من الجزية، واليد تحتمل أن تكون اليد المعطية وأن تكون اليد الآخذة و (عن) تحتمل السببية وغيرها، أي يعطوا عن يد مؤاتية أي منقادين أو مقرونة بالانقياد، أو عن يدهم أي مسلمين أو مسلمة بأيديهم لا بأيدي غيرهم من وكيل أو رسول لأن القصد فيها التحقير وهذا ينافيه، ولذا منع من التوكيل شرعا، أو عن غنى أي أغنياء أو صادرة عنه ولذلك لا تؤخذ من الفقير العاجز، أو عن قهر وقوة أي أذلاء عاجزين. أو مقرونة بالذل، أو عن إنعام عليهم، فإن إبقاء مهجهم بما بذلوا من الجزية نعمة عظيمة، أي منعما عليهم، أو كائنة عن إنعام عليهم، أو نقدا أي مسلمة عن يد إلى يد، أو مسلمين نقدا، واستعمال اليد بمعنى الانقياد إما حقيقة أو كناية، ومنه قول عثمان رضي الله عنه، هذي يدي لعمار، أي أنا منقاد مطيع له، واستعمالها بمعنى الغنى لأنها تكون مجازا عن القدرة المستلزمة لها، واستعمالها بمعنى الإنعام وكذا النعمة شائع ذائع، وأما معنى النقدية فلشهرة يدا بيد في ذلك، ومنه حديث أبي سعيد الخدري في الربا، وما في الآية يؤول إليه كما لا يخفى على من له اليد الطولى في المعاني والبيان، وتفسير اليد هنا بالقهر والقوة أخرجه ابن أبي حاتم عن قتادة، وأخرج عن سفيان بن عيينة ما يدل على أنه حملها على ما يتبادر منها طرز ما ذكرناه في الوجه الثاني، وسائر الأوجه ذكرها غير واحد من المفسرين، وغاية القتال ليس نفس هذا الإعطاء بل قبوله كما أشير إليه. وبذلك صرح جمع من الفقهاء حيث قالوا: إنهم يقاتلون إلى أن يقبلوا الجزية، وإنما عبروا بالإعطاء لأنه المقصود من القبول وَهُمْ صاغِرُونَ أي أذلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>