للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ قائمة، فههنا يرينا الله عزّ وجل حال الناس عند الرجوع إليه، وإذ كان الأمر عظيما، فإن السورة تختم بالأمر: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.

٢ - قلنا إن محور سورة الواقعة آت في سياق الآيات الآمرة بالعبادة والتقوى والتوحيد، والتي بنت ذلك على أن الله هو الخالق، وأنه منزل القرآن، وأن له جنة أعدها للعاملين، وأن له نارا أعدها للكافرين، وقد فصلت سورة الواقعة في هذا فبرهنت على أن الله هو الخالق، وبرهنت على اليوم الآخر، وبرهنت على أن القرآن من عند الله، وإذا استقامت هذه الأصول فقد فصلت فيما أعده الله للكافرين والشاكرين في ابتداء السورة ونهايتها، مقيمة الحجة على الكافرين، ومدللة على صحة سير الشاكرين، كما أمرت السورة بتسبيح الله عزّ وجل، وهو نوع من أنواع العبادة، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل هذا التسبيح في الركوع، كما سنرى في الفوائد، وفي ذلك تفصيل للأمر (اعبدوا) بتبيان بعض ما يدخل فيه.

٣ - يلاحظ أن سورة الواقعة انتهت بقوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ وأن سورة الحديد الآتية بعدها تبدأ بقوله تعالى: سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وذلك من مظاهر ارتباط أواخر السور السابقة ببدايات السور اللاحقة، مع أن السورة اللاحقة كما سنرى بداية مجموعة جديدة من مجموعات المفصل.

[الفوائد]

١ - بمناسبة قوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً قال ابن كثير: (أي ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن ويؤتون كتبهم بأيمانهم، ويؤخذ بهم ذات اليمين. قال السدي: هم جمهور أهل الجنة، وآخرون عن يسار العرش وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر ويؤتون كتبهم بشمالهم ويؤخذ بهم ذات الشمال، وهم عامة أهل النار- عياذا بالله من صنيعهم- وطائفة سابقون بين يديه عزّ وجل، وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم (أي: السابقون) سادتهم، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء، وهم أقل عددا من أصحاب اليمين ولهذا قال تعالى: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم، وهكذا ذكرهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>