قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ الآية، وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه، روى سفيان الثوري عن ابن عباس في قوله: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً قال: هي التي في سورة الملائكة ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ. وقال ابن جريج عن ابن عباس: هذه الأزواج الثلاثة هم المذكورون في آخر السورة وفي سورة الملائكة، وقال يزيد الرقاشي: سألت ابن عباس عن قوله: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً قال:
أصنافا ثلاثة، وقال مجاهد: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً يعني: فرقا ثلاثة. وقال ميمون ابن مهران: أفواجا ثلاثة، وقال عبيد الله العتكي عن عمر بن الخطاب: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً اثنان في الجنة، وواحد في النار. وروى ابن أبي حاتم عن النعمان ابن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قال: الضرباء كل رجل من كل قوم كانوا يعملون عمله وذلك بأن الله تعالى يقول: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً* فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ قال: هم الضرباء.
وروى الإمام أحمد عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ ... وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ فقبض بيده قبضتين فقال:«هذه للجنة ولا أبالي، وهذه للنار ولا أبالي» وروى الإمام أحمد- أيضا- عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«أتدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة؟، قالوا: الله ورسوله أعلم قال: الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم» وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ هم الأنبياء عليهم السلام، وقال السدي: هم أهل عليين، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ قال: يوشع بن نون سبق إلى موسى، ومؤمن آل يس سبق إلى عيسى، وعلي بن أبي طالب سبق إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه ابن أبي حاتم عن سفيان ابن عيينة عن ابن أبي نجيح به. وروى ابن أبي حاتم عن ابن سيرين وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الذين صلوا إلى القبلتين. ورواه ابن جرير من حديث خارجة به، وقال الحسن وقتادة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أي: من كل أمة، وقال الأوزاعي عن عثمان ابن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ثم قال