لا يصدر صداعهم عنها، ويحتمل أن يكون المراد: لا يفرقون عنها وَلا يُنْزِفُونَ قال النسفي: أي لا ينفد شرابهم، يقال أنزف القوم إذا فني شرابهم. وقال ابن كثير:
(أي لا تصدع رءوسهم ولا تنزف عقولهم بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة، وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: في الخمر أربع خصال: السكر والصداع والقئ والبول، فذكر الله تعالى خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال)
وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ قال ابن كثير: أي ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار
وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ أي: ويطوفون عليهم بلحم طير مما يتمنون
وَحُورٌ عِينٌ أي: وللسابقين المقربين حور عين، والحور: جمع حوراء، والعين: جمع عيناء، ويحتمل أن يكون التقدير: وفي الجنة حور عين
كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ في الصفاء والنقاء الْمَكْنُونِ أي: المصون، وقال الزجاج:(أي) كأمثال الدر حين يخرج من صدفه لم يغيره الزمان واختلاف أحوال الاستعمال
جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ قال ابن كثير: أي هذا الذي أتحفناهم به مجازاة لهم على ما أحسنوا من العمل
لا يَسْمَعُونَ فِيها أي: في الجنة لَغْواً أي: باطلا وَلا تَأْثِيماً أي:
هذيانا
إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً أي: إلا قولا ذا سلامة أو المعنى: إلا أن يقولوا سلاما سلاما، والمعنى: إنهم يفشون السلام بينهم فيسلمون سلاما بعد سلام، فالجنة من تتمة كمالاتها أن الناس فيها منزهون عن كل كلام لا يليق.
[كلمة في السياق]
جاء محور سورة الواقعة في سياق قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ... ثم في سياق قوله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ وقد رأينا في سورة الواقعة ما أعده الله للسابقين، ومن ذلك الجنات والثمرات والأزواج، ورأينا أن ذلك كان جزاء على أعمالهم جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وهكذا نجد أن سورة الواقعة مع أنها تفصل في محورها- إذ تفصل في حال الناس عند الرجوع إلى الله- فهي تفصل في محورها ضمن سياقه من مقطعه، فالمقطع أمر بالعبادة والتقوى والتوحيد، وذلك كله إيمان وعمل صالح، والمقطع أنذر الكافرين بالنار، وبشر المؤمنين بالجنات، وسورة الواقعة تفصل في أقسام الناس يوم القيامة، فتفصل في حال المؤمنين والكافرين، وتبشر