عرق وصلى عليه، فقيل له: أتصلي عليه؟ فقال:«إن الله قال: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ولأستغفرن له سبعين وسبعين وسبعين». وكذا روي عن عروة بن الزبير ومجاهد وقتادة بن دعامة، ورواه ابن جرير بأسانيده.
٤ - وفي قوله تعالى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ قال النسفي:
(والسبعون جار مجرى المثل في كلامهم للتكثير، وليس على التحديد والغاية. إذ لو استغفر لهم مدة حياته لن يغفر الله لهم، لأنهم كفار والله لا يغفر لمن كفر به. والمعنى:
وإن بالغت في الاستغفار فلن يغفر الله لهم. وقد وردت الأخبار بذكر السبعين وكلها تدل على الكثرة لا على التحديد والغاية. ووجه تخصيص السبعين من بين سائر الأعداد أن العدد قليل وكثير، فالقليل ما دون الثلاث، والكثير الثلاث فما فوقها، وأدنى الكثير الثلاث وليس لأقصاه غاية. والعدد أيضا نوعان شفع ووتر، وأول
الأشفاع اثنان، وأول الأوتار ثلاثة، والواحد ليس بعدد، والسبعة أول الجمع الكثير من النوعين، لأن فيها أوتارا ثلاثة وأشفاعا ثلاثة، والعشرة كمال الحساب، لأن ما جاوز العشرة فهو إضافة الآحاد إلى العشرة، كقولك اثنا عشر وثلاثة عشر إلى عشرين، والعشرون تكرير العشرة مرتين. والثلاثون تكريرها ثلاث مرات، وكذا إلى مائة.
فالسبعون يجمع الكثرة والنوع والكثرة منه، وكمال الحساب والكثرة منه. فصار السبعون أدنى الكثير من العدد من كل وجه، ولا غاية لأقصاه، فجاز أن يكون تخصيص السبعين لهذا. والله أعلم).
ثم تأتي الآن مجموعة ثانية في هذا المقطع تبين حال المنافقين حين يتخلفون عن الجهاد، وموقفهم من آيات الجهاد، وتذكر فيما بين ذلك ما يستأهلون من عقوبات معنوية فقال:
فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ المنافقون الذين خلفهم كسلهم ونفاقهم والشيطان بِمَقْعَدِهِمْ أي بقعودهم عن الغزو خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ أي مخالفة لرسول الله، أي قعدوا لمخالفته، أو قعدوا مخالفين له وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فهم ليسوا كالمؤمنين الذين يسارعون إلى بذل أموالهم وأرواحهم في سبيل الله، وكيف لا يكرهونه وليس فيهم ما في المؤمنين من باعث الإيمان، وداعي الإتيان وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ أي: قال بعضهم لبعض ذلك أو قالوا ذلك للمؤمنين