قال ابن كثير:«هذا مثل آخر ضربه الله تعالى لضرب آخر من المنافقين، وهم قوم يظهر لهم الحق تارة ويشكون تارة أخرى».
شبه دين الإسلام في المثل بالصيب أي: بالمطر لأن القلوب تحيا به، حياة الأرض بالمطر، والشبهات والشكوك في قلب هذا الضرب من المنافقين شبهها بالظلمات، والوعيد الموجود في دين الله سواء كان الوعيد بالفضيحة أو بالعذاب الأخروي أو بانتصار المؤمنين بالرعد، وبقايا الفطرة في قلوب هؤلاء بالبرق، وما يصيبهم من الأفزاع والبلايا بالصواعق.
الصيب: المطر، والرعد: هو الصوت الذي يسمع من السحب لاصطكاك أجرامه، والبرق: هو الذي يلمع من السحاب. وظلمات المطر: ظلمة تكاثفه بتتابع القطر، وظلمة
إظلال غمامه مع ظلمة الليل، والإسلام والقرآن في المثل هو المطر وحده، وأما الظلمات ففي القلب والنفس ظلمات الشبهات والشكوك والشهوات.
وذكر في المثل الأصابع- ولم تذكر الأنامل مع أن رءوس الأصابع هي التي تجعل في الآذان: اتساعا كقوله تعالى: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (سورة النور) والمراد إلى الرسغ، ولأن في ذكر الأصابع من الإشعار بمخالفتهم ما ليس في ذكر الأنامل، وإنما لم يذكر الأصبع الخاص الذي تسد به الأذن لأن السبابة من السب، فكان اجتنابها أولى بآداب القرآن. ولم يذكر المسبحة لأنها مستحدثة غير مشهورة، والصاعقة: قصفة رعد تنقض، والخطف: الأخذ بسرعة، وإحاطة الله بالكافرين تعني: أنهم لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط. وكل ما علاك فهو سماء، وتطلق السماء على السحاب أو على المطر لنزوله من السحاب فصار المعنى:
مثل المنافقين كمثل أصحاب مطر نزل من السماء في حال ظلمات، وهي الشكوك والشبهات، ورعد وهو ما يزعج القلوب من الخوف، وبرق وهو ما يلمع في قلوب ذلك الضرب من المنافقين في بعض الأحيان من نور الإيمان، فهم يسدون آذانهم فلا يرغبون أن يسمعوا التهديد والوعيد وأخبار أيام الله، ولكن ذلك لا يجديهم فإن سد