واختلافها بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ أي الكتاب الذي هو ذكرهم، أي وعظهم أو شرفهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم منهم والقرآن بلغتهم فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ أي بسوء اختيارهم
أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً أي أجرا فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ أي أفضل المعطين، أي أنت لا تسألهم أجرة ولا جعلا ولا شيئا على دعوتك إياهم إلى الهدى، بل أنت في ذلك تحتسب عند الله جزيل ثوابه
وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وهو دين الإسلام فحقيق أن يستجيبوا لك
وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ. أي لعادلون عن هذا الصراط المذكور وهو الصراط المستقيم
وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ مما يجأرون إلى الله بإزالته لَلَجُّوا أي لتمادوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أي يترددون يعني: لعادوا إلى ما كانوا عليه من الاستكبار وعداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ أي ابتليناهم بالمصائب والشدائد فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ أي فما خضعوا ولا خشعوا وَما يَتَضَرَّعُونَ أي وما يدعون الله
حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ يعمهم جميعا إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أي متحيرون آيسون من كل خير.
[نقل]
عند قوله تعالى:
وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ... قال صاحب الظلال: (فالحق واحد ثابت، والأهواء كثيرة متقلبة. وبالحق الواحد يدبر الكون كله، فلا ينحرف ناموسه لهوى عارض، ولا تتخلف سننه لرغبة طارئة. ولو خضع الكون للأهواء العارضة، والرغبات الطارئة لفسد كله، ولفسد الناس معه، ولفسدت القيم والأوضاع، واختلت الموازين والمقاييس؛ وتأرجحت كلها بين الغضب والرضى، والكره والبغض، والرغبة والرهبة، والنشاط والخمول، وسائر ما يعرض من الأهواء والمواجد، والانفعالات والتأثيرات .. وبناء الكون المادي واتجاهه إلى غايته كلاهما في حاجة إلى الثبات والاستقرار والاطراد، على قاعدة ثابتة، ونهج مرسوم، لا يتخلف ولا يتأرجح ولا يحيد.
ومن هذه القاعدة الكبرى في بناء الكون وتدبيره، جعل الإسلام التشريع للحياة