بحجة واضحة غير عمياء مع يقين وبرهان أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي أي أدعوا إلى سبيل الله أنا، ويدعو إليه من اتبعني، فهو ومن اتبعه عليه الصلاة والسلام يدعون إلى الله على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي، أو المعنى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه على حجة وبرهان لا على هوى وَسُبْحانَ اللَّهِ أي وأنزهه وأجله وأعظمه وأقدسه عن أن يكون له شريك أو نظير أو عديل أو ند أو ولد أو والد أو صاحبة أو وزير أو مشير أو أن يكون معه فاعل وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مع الله غيره، فسبيله عليه الصلاة والسلام، وسبيل أتباعه الدعوة إلى الإيمان والتوحيد على بصيرة، مع تنزيههم الله وإخلاصهم في توحيده، فإذا لم يجتمع للداعية إلى الله هذه المعاني لا يكون على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعوة إلى الإيمان والتوحيد، مع التلبس الكامل بالتنزيه والتحقق بالتوحيد، مع الدعوة البصيرية المبصرة التي لا تلتبس حجتها الواضحة، وما أقل من تجتمع له هذه المعاني في عصرنا، وحتى في العصور التي جاءت بعد عصر السلف، وهكذا أقام الله عزّ وجل الحجة لرسالة رسولنا صلى الله عليه وسلم بمضمونها وبحاله عليه الصلاة والسلام حال أتباعه، بعد أن أقام الحجة عليهم- كما رأينا- بمضمون قصة يوسف.
ومن الآية الأخيرة ندرك أن دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقوم على الدعوة إلى الإيمان والتوحيد بالبرهان المبصر والحجة الواضحة، مع التلبس بكمال التنزيه
وكمال التوحيد، واجتماع هذه المعاني هي سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومشكلة عصرنا أن كثيرا من الدعاة إلى الله لا يعطون الدعوة إلى الإيمان والتوحيد مداها، كما أن الكثيرين منهم يدعون إلى جوانب ليست الحجة فيها واضحة، فمن من الدعاة قد تحقق بالتنزيه الكامل لله إقرارا واستشعارا، ومن من الدعاة من لا يسير إلا على ما قامت عليه الحجة العقلية أو النقلية، ومن من الدعاة يعطي الدعوة إلى التوحيد والإيمان مكانهما الصحيح الأول.
ومن من الدعاة لا يعارض الصحيح بالضعيف ويتلبس بما دل عليه حديث موضوع، ويناقض عقلا بنقل، أو نقلا بعقل.
[نقول من الظلال]
ننقل هنا ثلاثة نقول من الظلال: الأول حول قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ. قال صاحب الظلال:
(والآيات الدالة على الله وحدانيته وقدرته كثيرة مبثوثة في تضاعيف الكون. معروضة للأبصار والبصائر. في السموات وفي الأرض يمرون عليها صباح مساء، آناء الليل