وأطراف النهار. وهي ناطقة تكاد تدعو الناس إليها. بارزة تواجه العيون والمشاعر.
موحية تخايل للقلوب والعقول ولكنهم لا يرونها ولا يسمعون دعاءها ولا يحسون إيقاعها العميق.
وإن لحظة تأمل في مطلع الشمس ومغيبها. لحظة تأمل في الظل الممدود ينقص بلطف أو يزيد. لحظة تأمل في الخضم الزاخر، والعين الفوارة والنبع الروي. لحظة تأمل في النبتة النامية، والبرعم الناعم، والزهرة المتفتحة، والحصيد الهشيم، لحظة تأمل في الطائر السابح في الفضاء، والسمك السابح في الماء، والدود السارب، والنمل الدائب، وسائر الحشود والأمم من الحيوان والحشرات والهوام .. لحظة تأمل في صبح أو مساء في هدأة الليل أو في زحمة النهار .. لحظة واحدة يتسمع فيها القلب البشري إلى إيقاعات هذا الوجود العجيب .. إن لحظة واحدة لكافية لارتعاش هذا القلب بقشعريرة الإدراك الرهيب والتأثر المستجيب. ولكنهم يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ لذلك لا يؤمن الأكثرون!
وحتى الذين يؤمنون، كثير منهم يتدسس الشرك- فى صورة من صوره- إلى قلوبهم. فالإيمان الخالص يحتاج إلى يقظة دائمة تنقي القلب أولا بأول كل خالجة شيطانية وكل اعتبار من اعتبارات هذه الأرض في كل حركة وكل تصرف لتكون كلها لله.
خالصة له دون سواه، والإيمان الخالص يحتاج إلى حسم كامل في قضية السلطان على القلب وعلى التصرف والسلوك فلا تبقى في القلب دينونة إلا لله سبحانه ولا تبقى في الحياة عبودية إلا للمولى الواحد الذي لا راد لما يريد)
والنقل الثاني من الظلال حول قوله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ .. قال صاحب الظلال: (مشركون قيمة من قيم هذه الأرض في تقديرهم للأحداث والأشياء والأشخاص. مشركون سببا من الأسباب مع قدرة الله في النفع أو الضر سواء. مشركون في الدينونة لقوة غير قوة الله من حاكم أو موجه لا يستمد من شرع الله دون سواه. مشركون في رجاء يتعلق بغير الله من عباده على الإطلاق.
مشركون في تضحية يشوبها التطلع إلى تقدير الناس. مشركون في جهاد لتحقيق نفع أو دفع ضر ولكن لغير الله. مشركون في عبادة يلحظ فيها وجه مع وجه الله .. لذلك يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل» وفي الأحاديث نماذج من هذا الشرك الخفي، روى الترمذي- وحسنه- من رواية ابن عمر، «من